10
0103
0121
0الرياض_فرقد تستضيف هيئة الأدب والنشر والترجمة، سلطنة عُمان الشقيقة كضيف شرف للدورة المقبلة من معرض الرياض الدولي للكتاب 2023، والذي سيقام تحت شعار "وجهة ملهمة" خلال …
11784
04713
04364
174298
03997
0المعاني الغائبة -1-
د. مقبل الدعدي*
تعيش المجتمعات في هذا العصر -الذي يتميز بالتسارع الزمني، وإذابة التباعد المكاني – في حالة من التغيير المستمر، فما كان يحدث في أوقات مضت في عقد من الزمن يحدث الآن في العام الواحد، فأدوات التغيير أصبحت أكثر فعالية، مع ضعف في أدوات الممانعة، وترشيد التغيير، ومعالجته ونقده؛ من أجل تمييز محاسنه عن مساوئه، وهذه ظاهرة عالمية عمّت المجتمعات عُربا وعُجما، مشرقا ومغربا، مع اختلافاتها في المرجعيات، والإيديولوجيات.
ومن يطالع أدبيات الدراسات الاجتماعية قبل عقدين من الزمن، مع مقارنة الواقع يدرك حجم التغيير، بما يفوق توقعات الدراسات الاستشرافية، سواء فيما يتصل بعلاقات الأفراد والجماعات فيما بينها ، أو ما يتعلق بالقيم والمبادئ التي تناقلتها الأجيال، وسعت في الحفاظ عليها.
وهذا التغيير وبالأخص المتسارع منه، والمفروض من خارجه، له انعكاسات على الفرد، وعلى المجتمع، وقد أشار صاحب كتاب أفريقيا في عصر التحول الاجتماعي إلى شيء من تلك الانعكاسات، يقول:” المجتمعات التي تمر بتحولات سريعة تعاني توترا أكثر من المجتمعات المستقرة”، والذي يعنينا هو التغيير الاجتماعي الناتج عن ثورة التقنية، وما أحدثته من انقلابٍ على المفاهيم، وتأثير في التصورات.
إنّ من أهم المؤثرات المعاصرة في المجتمع الحديث، وسائل التواصل، والتقنية بفروعها عامةً، فكثير من التغييرات كانت هي المسؤولة عنها، وكثير من الأنماط كانت هي الراعية لها، وقد فرضت على المجتمع ثقافتها، واستبدلت الذي هو أدنى بالذي هو خير، ففرضت على المجتمع مجموعة من العادات الدخيلة، وأنماطًا من حياة غريبة، وثقافة مجتمعية غير معهودة، ومن أخطر ما تتسم به هو طغيانها، وذيوع انتشارها، ومُكنة أدواتها، والذي يخشاه المتتبعون لهذه التغيرات المفروضة عبر تلكم الوسائل من أصحابها، أن يكون حال العاقل في المجتمع كحال المبصر في بلد العميان، فيرضخ لثقافة التفاهة، ويُحال مكرهًا عن التفكير في معالي الأمور.
إنّ المجتمعات قبل هذه الوسائل شيء، وبعدها شيء آخر، بداية من الفرد إلى الأسرة والمجتمع عامة، والتغيير شامل للمستويات كافة، على مستوى التعليم، والثقافة، والعلاقات، والمبادئ، والأولويات، والاقتصاد، والإبداع، وغيرها من ميادين الحياة.
في لقاء مع أحد مشاهير التواصل الاجتماعي ممن يتابعه كثير من أطياف المجتمع، يُسأل عن صناعة المحتوى، فذكر أنّ الأمر لا يحتاج إلى مثل هذه التعقيدات، فالمحتوى في مثل هذه الوسائل غايته الترفيه، ويتميز بالبساطة، ومن أراد الجديّة، وابتغى المعلومة، ورام العلوم فدونه مصادرها، وقد صدق، فهذه الوسائل في الأغلب لها إطار يصعب على المنخرطين فيها تجاوزه، هذا الإطار يستبعد الجديّة، ويقرّب الهزلية، يصدّر غير المؤهل، ويؤخر أولي الاختصاص في المجالات كافّة، ويقدّم للمجتمع – في الغالب ولا أعمم- قدوات مشوهة، من شأنها تأخير المجتمع، وإشغال الفرد عما هو خير له.
يتبع…
*كاتب و أكاديمي سعودي
فعلا كلام في الصميم 👍
أبلغ عبارة:
والذي يخشاه المتتبعون لهذه التغيرات المفروضة عبر تلكم الوسائل من أصحابها، أن يكون حال العاقل في المجتمع كحال المبصر في بلد العميان، فيرضخ لثقافة التفاهة، ويُحال مكرهًا عن التفكير في معالي الأمور.