الأكثر مشاهدة

    *على بعض المثقفين التخلّص من نرجسيتهم تجاه الأندية الأدبية *الثبيت …

الدكتور ظافر الشهري: لا نزال نوغل في التقليدية الميتة لتدريس اللغة العربية

منذ سنتين

222

0

 

 

*على بعض المثقفين التخلّص من نرجسيتهم تجاه الأندية الأدبية

*الثبيتي، وجيله أخرجوا الشعر السعودي من التقليدية إلى التجديد

*لا نزال نوغل في التقليدية الميتة، لتدريس اللغة العربية

الأرشيف/ حوار عائشة عسيري

قامة علمية، وأدبية شامخة، كشموخ جبال تنومة، وغنية كغنى أرض الأحساء الزاخرة بالخير، والجمال، والنقاء.

ربيب الحرف والقلم، كلّ من تحدّث إليه، أو عرفه، لا يسعه إلا أن  يستذكر قول زهير بن أبي سلمى:

تراهُ إذا ما جئْتَه مُتَهَلِّلا *** كأنَّك تُعطيه الذي أنتَ سائلُه.

ولنستزيد معرفةً به، أقدّم لكم نبذةً عن سيرته الذاتية الثّرية جدّا.

الأستاذ الدكتور/ظافر بن عبد الله الشهري.

 رئيس مجلس إدارة نادي الأحساء الأدبي.

تاريخ الميلاد 1379هـ.

دكتوراه في الأدب، والنقد، واللغة العربية من جامعة أم القرى بمكة المكرمة 1411هـ.

أستاذ مشارك في جامعة الملك فيصل بالأحساء.

رسالة الدكتوراه: الشكوى في الشعر العربي، حتى نهاية القرن الثالث الهجري.

المرتبة العلمية: أستاذ.

* المؤهلات: 

– البكالوريوس في اللغة العربية، وآدابها -جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية فرع الجنوب -جامعة الملك خالد حالياً 1400هـ.

– الماجستير في الأدب والنقد -جامعة أم القرى- مكة المكرمة 1406هـ.

– الدكتوراه في الأدب والنقد -جامعة أم القرى- مكة المكرمة 1411هـ.

* العمل الحالي: 

– أستاذ الدراسات العليا -قسم اللغة العربية- جامعة الملك فيصل.

* الأبحاث والكتب:

أولاً: الكتب المطبوعة:

– الشكوى في الشعر العربي حتى نهاية القرن الثالث الهجري.

– المدرستان الإحيائية والتجديدية في الشعر السعودي -أعلام. موضوعات. خصائص.

– آفاق الرواية -بنية وتاريخاً، ونماذج تطبيقية.

– خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز في الشعر السعودي -جمعاً، وتوثيقاً، ودراسة.

ثانياً: الأبحاث المحكّمة المنشورة في مجلات علمية:

– بحث محكّم بعنوان: القيم الخلقية في شعر الصّعاليك -كتاب تذكاري محكّم، إصدار مركز اللغة العربية- كلية الآداب -جامعة القاهرة 1995م.

– بحث محكّم بعنوان: من أعلام المدرسة الإحيائية في الشعر السعودي الحديث -مجلة دارة الملك عبد العزيز -العدد الثالث -رجب 1417هـ -الرياض -المملكة العربية السعودية.

– بحث محكّم بعنوان: ملامح من الشعر السياسي في العصر الجاهلي -مجلة جامعة دمشق للعلوم الإنسانية -سوريا 1997م.

– بحث محكّم بعنوان: الإسقاط الفني والليل في القصيدة الجاهلية -مجلة كلية الآداب -جامعة الخرطوم -العدد (19) ديسمبر 2001م.

– بحث محكّم بعنوان: صورة البنين في تراثنا الشعري -مجلة كلية دار العلوم -جامعة القاهرة -فرع الفيوم -العدد الرابع -ديسمبر 2000م.

– بحث محكَّم بعنوان: الرواية السعودية -الريادة والبدايات -مجلة كلية الآداب -جامعة القاهرة -العدد الثالث -يوليو 2000م.

– بحث محكّم بعنوان: من صور التّلقي في النّقد العربي القديم -مجلة جامعة الملك فيصل العلمية للعلوم الإنسانية والإدارية -المجلد الأول -العدد الأول -ذو الحجة 1420هـ مارس 2000م.

– بحث محكّم بعنوان: شخصية الملك عبد العزيز في شعر فؤاد الخطيب -مجلة جامعة الملك فيصل العلمية- العدد الخاص بمئوية التأسيس عام 1419هـ.

– بحث محكّم بعنوان: الأفوه الأودي -نظرات في ديوانه المنشور 1998م -مجلة دارة الملك عبد العزيز -الرياض 15/2/1423هـ.

– بحث محكّم بعنوان: اللّغة في النّص الشّعري العربي الحديث -مجلة عالم الفكر- الكويت11/9/2000م.

– بحث محكّم بعنوان: صورة البنين في تراثنا الشعري -الأسبوع الأدبي الثقافي الرابع- كلية الآداب جامعة دمشق من 2-5 نيسان 1999م.

– بحث محكّم بعنوان: بنية الشّخصية في الرّواية السّعودية (مرحلة الرّيادة والبدايات).

– خصائص التجديد، ورواده في الشّعر السّعودي -مجلة علامات، ضمن بحوث ندوة ملتقى النص الرابع في نادي جدة الأدبي.

– قراءة جديدة في آراء ابن قتيبة النّقدية. ضمن إصدار المؤتمر الدولي الثالث، للعلوم الإسلامية، والعربية بين التراث والمعاصرة -جامعة المنيا 1428هـ.

– مكة المكرّمة في العصر القديم -قراءة في التّاريخ والشّعر- مجلة جامعة الملك فيصل، العدد الخاص بالاحتفاء بمكة المكرمة، عاصمة الثّقافة الإسلامية.

– دراسات المستشرقين للشّعر الجاهلي، بين التبعية والموضوعية، ضمن إصدار المؤتمر الدولي الثاني عن الاستشراق، والدراسات الإسلامية، والعربية -جامعة المنيا 1427هـ.

– مستقبل العربية، وهويتنا الثّقافية في ظل العولمة، ضمن إصدار ندوة العلوم في المجتمعات الإسلامية -مقاربات تاريخية، وآفاق مستقبلية- الرباط 2004م.

– الرّواية العربية بين السّرديات التّراثية، والوافد الغربي -ضمن بحوث مؤتمر النقد الأدبي العاشر- جامعة جرش الأردن 2007م.

– ضعف مستوى اللّغة العربية- الأسباب والعلاج، ضمن بحوث ندوة استخدام التّقنية في العلوم الإسلامية والعربية، جامعة الملك فهد للبترول والمعادن 1426هـ.

المشاركات في النّدوات والمؤتمرات:

– شارك في عدد من الندوات، والمؤتمرات العلمية داخل المملكة، وخارجها، وقدم خلالها عدداً من أوراق العمل، والبحوث المحكّمة.

– رَأَسَ عدداً من الجلسات العلمية، وأدار عدداً آخر من النّدوات.

– كما ناقش وأشرف على عدد من رسائل الماجستير والدكتوراه داخل المملكة وخارجها.

في مستهل هذا الحوار نرحب بالدكتور ظافر الشهري أجمل ترحيب، ونشكره على منحنا فرصة محاورته من خلال مجلة فرقد الإبداعية.
ولنبدأ حوارنا الشيّق برفقة ضيفنا الكريم. 

 * نادي الأحساء الأدبي، تم تأسيسه عندما توافرت المقومات لذلك، وهو يمتلك مقرا من أفضل المقرات.

فرقد: دكتور ظافر، نعرف أن نادي الأحساء الأدبي  تأسس متأخرا، فهو آخر نادٍ أدبي تأسس في المملكة العربية السعودية، إِلامَ تعزو أسباب التأخر في تأسيسه، رغم غنى الأحساء بالشعراء، والأدباء والمثقفين؟

د. ظافر الشهري: في ظنّي، لم يتأخر تأسيس نادي الأحساء الأدبي، لأن إنشاء أيّ مؤسسة حكومية، ثقافية، أوغير ثقافية، يخضع لتقييم دقيق من المسؤولين، من حيث  الاحتياج لها، وجاهزية المكان، وتوفر الإمكانات المادية والبشرية، ومتى وجدت هذه المقوّمات، يتم اتخاذ القرار المناسب من قبل الجهات المعنية بهذا الجانب، وهذا ما تم بالنسبة لإنشاء نادي  الأحساء الأدبي، وغيره من الأندية الأدبية الأخرى؛ التي أنشئت في الفترة نفسها من العام ١٤٢٨هـ  لينهض هذا النادي بدوره في هذه المحافظة، جنبا إلى جنب مع منظومة الأندية الأدبية الأخرى في المملكة، والحمد لله النادي يمتلك الآن مقرا نموذجيا، قد لا أبالغ إذا قلت: إنّه من أفضل المقرّات الثّقافية في المملكة.

*  أكثر من (٦٠%) من مطبوعات النادي تخص الشّباب.

فرقد: حدّثنا عن مبادرات نادي الأحساء الأدبي، لدعم المواهب، خاصةً الشّابة منها؟.

د. ظافر الشهري: نادي الأحساء الأدبي يولي المواهب الشابة أهمية قصوى في برامجه، وخططه، فمن المبادرات التي لمسنا نجاحها في النادي، تبني ملتقى شهريا، خصص للأدبيات الواعدات. استهدفت فيه طالبات التعليم العام، والجامعي، ووصلنا إلى نتائج ممتازة جدا، حتى أنّ النّادي، احتفى بأربع واعدات، منهن من صدرت لهنّ مؤلفات، ولم تتجاوز أعمارهن الثامنة عشرة، كما  تبنى إنشاء  ركن  في النّادي، تحت مسمى: ركن الأديب الصغير، ليكون الطفل حاضرا معنا، وتوجه له مناشط، تراعي حالته العمرية، ومتطلباته،  أمّا  شريحة الشباب  من الجنسين، فقد جعلهم النّادي الهدف الأساس  في برامجه كافة، فعلى مستوى النّشر،  يمكن القول : إن أكثر من  ٦٠٪ من مطبوعات النادي للشباب والشابات، وفي النادي لجنة خاصة شبابية، أعضاؤها كلهم من الشباب والشابات، والنادي مفتوح لهم؛ لتقديم ما لديهم، وسيجدون من النادي الدّعم والمساندة.

* يربط أدبي الأحساء شراكات ثقافية، ومجتمعية ناجحة، أهمها مع جامعة الملك فيصل بالأحساء

فرقد: الشّراكة بين الأندية الأدبية، والجامعات… ما مدى نجاح هذه الشراكة في تقديم المواهب الشابة للمجتمع، وبزوغ نجمهم  في السّاحة الأدبية؟

د. ظافر الشهري: لم يغفل نادي الأحساء الأدبي  مسألة الشراكة مع مؤسسات المجتمع المدني في الأحساء، فتمّ عقد عدد من الشراكات الثقافية، المجتمعية المتميزة مع عدد من هذه المؤسسات، منها شراكة أدبي الأحساء مع نادي منطقة الحدود الشمالية الأدبي،  ونادي أبها الأدبي، وأثمرت هذه الشّراكة تقديم عدد من المناشط المشتركة، وكذلك للنادي شراكة مع  الإدارة العامة للتعليم في الأحساء، والجمعية السّعودية للثقافة والفنون، ولكن الشّراكة المتميزة؛ التي نعتزّ بها، هي شراكة النادي مع جامعة الملك فيصل، حيث أثمرت هذه الشراكة تنفيذ كثير من البرامج الثقافية، والوطنية، والمجتمعية المشتركة؛ التي جاءت متوافقة، وحجم الجامعة، والنادي، وقيمة المناسبات الوطنية؛ التي جمعت النادي، والجامعة في أعمال ثقافية غير مسبوقة.

* نقبل النقد البّناء ونقدره، وعلى بعض المثقفين التخلّص من نرجسيتهم تجاه الأندية الأدبية. 

فرقد: بعض المثقفين يشتكون من الأندية الأدبية في المملكة العربية السعودية، ومن أنها باتت تتبع آلية عفا عنها الزمن في عملها، ونظامها، وتارةً يشتكون من أنها محتكرة من قبل فئةٍ معينة، ووجوه معروفة دون الالتفات لباقي المثقفين الآخرين، وأنها تقوم على المحاباة والمجاملة، ما قولك في ذلك؟ وهل تظن أن ناديكم بمنأى عن هذه الشكاوى؟ ولِمَ ؟

د. ظافر الشهري: الجميل في السؤال أنك قلت: ( بعض المثقفين). والتبعيض عادة، وفِي اللغة أيضا، لا يمثل الكثرة، فيبقى هذا الحكم على ما فيه من قفز على الحقيقة، منحصرا في بعض المثقفين، وأنا هنا، لن أتحدث، أو أدافع عن الأندية الأدبية، ولكني أتحدث عن نادي الأحساء الأدبي، فقد كسرنا نمطية الأنشطة التقليدية، ونفّدْنا خمس نسخ من مهرجان (جواثا الثقافي)، كما نفدنا أربعة (أوبريتات) ضخمة، واستضفنا عددا من رموز الوطن، والدولة في مواكبة لمناسبات الوطن، وقضاياه.

هذا غير المعارض، وأوراش العمل، والدورات، والمطبوعات، ونشاط ركن الأديب الصغير، وملتقى الأديبات الواعدات، وملتقى المثقفات، والمقهى الثقافي… وغير ذلك من المناشط المجتمعية؛ التي يحتضنها النادي. كما أطلقنا عددا من الحملات منها: حملة ( معا لحماية الوطن من رؤوس الفتن )، وحملة ( أدبي الأحساء .. الوطن أولا )، هذه الحملة دشنها صاحب السمو الملكي، الأمير سعود بن نايف بن عبدالعزيز آل سعود، أمير المنطقة الشرقية، فأين التقليدية إذًا؟ وما الأشياء؛ التي غابت عنا؟ ليت المنتقدين للنادي يزودونا مشكورين بما لديهم، ونكون سعداء وممتنون لهم بذلك. والأندية الأدبية ليست ملكًا لرئيس النادي، ومن يعمل معه، حتى يحتكرونها على كيفهم، ويجعلوها هبات لمن يريدون، إنها مؤسسات ثقافية، حكومية، رسمية، مفتوحة للجميع، ولهم الحق في الحضور للنادي، وتقديم ما لديهم، والانتقاد من داخل النادي، وليس من خارجه، ومتابعة برامج النّادي، والمشاركة فيها بإيجابية، لكن المشكلة لدى بعض المثقّفين أنهم لم يتخلصوا من نرجسيتهم، فأصدروا مثل هذه الأحكام العامة؛ لأسباب لا نعلمها، ومع هذا، فنحن نقبل  النقد، ونحترمه إذا كان صادقا، يسد خللا، ويعالج قصورا. ولن يتوقف عمل الأندية الأدبية، بسبب مقاطعة بعضهم من هنا، أو هناك،  وما أنا واثق منه، ومطمئن إليه، أن نادي الأحساء الأدبي لم يهمش، أو يقصي أحدا من مثقفي، ومثقفات الأحساء، بتعدد أطيافهم، وتوجهاتهم الثّقافية، والمنصفون من الأحسائيين يعرفون هذا، ويشيدون به.

* مثقفو ومثقفات الأحساء هم من يديرون النادي، وما نحن إلا منفذون لما يرونه.

فرقد: كيف تصبح الأندية الأدبية أكثر جذباً للحضور الجماهيري لأنشطتها وأمسياتها، إذ من الملاحظ أن هناك عزوفا كبيرا عن الحضور الجماهيري للأمسيات الأدبية؟

د. ظافر الشهري: نحن في نادي الأحساء الأدبي لا نشكو، ولم نشْكُ في يوم من الأيام من عزوف المثقفين، والمثقفات عن حضور برامج النادي، ونحن كما قلت سابقا،  وأقول الآن:  نباهي بمثقفي، ومثقفات الأحساء في الأندية الأدبية الأخرى في المملكة، ونتشرف بهم ، فحضورهم مشرف في أي مناسبة تقام، واستفدنا منهم كثيرا في تنفيذ العديد من البرامج النوعية، وهم في الأساس من يدير النادي وبرامجه، وما نحن إلا منفذون لما يقترحونه علينا، والنادي مفتوح لهم صباحا ومساء وعلى مدار الأسبوع، والمقهى الثقافي في النادي يتحول دائما إلى منتدى ثقافي أدبي في برامج غير مُجدولة، وفِي ظني أن تنوع البرامج في النادي، ومراعاة شرائح المجتمع كلها هو ما يجذب الجمهور، وهذا ما عملنا، ونعمل عليه في أدبي الأحساء.

* الأندية الأدبية ستظل رغم التطوير لأنها المحاضن المعنية بالأدب والأدباء. 

فرقد: هل ترى أن الأندية الأدبية ستظل موجودةً في المستقبل على هيأتها الحالية، أم ستطالها يد التطوير؛ لتواكب المرحلة خاصةً في ظل رؤية ٢٠٣٠؟

د. ظافر الشهري: الأندية الأدبية كيانات أدبية بعضها مضى على إنشائه أكثر من أربعين عاما، وقدمت هذه الأندية للأدب، والثقافة السعودية الشيء الكثير، فما أظن أن هذه الكيانات سوف تختفي بذريعة التطوير، نعم قد تتغير بعض المسميات في ضوء الهيكلة، والتطوير لمؤسساتنا الثقافية، لكن جوهر هذه الأندية سيبقى لأنها المحاضن المعنية بالأدب والأدباء في المملكة، وشطبها لا أتصور أنه سيضيف شيئا ذا قيمة للأدب والأدباء والثقافة .

* تخصصي الدقيق هو من ساعدني على الكتابة في هذه المجالات، وأدين بالفضل لطلابي لتلك الأسباب. 

فرقد: لك اهتمامات أدبيةٌ متنوعة، تكتب عن الشعر قديما وحديثا، وعن الرواية، وعن اللغة.كيف استطعت الكتابة والبحث في هذه المجالات، والفنون المختلفة رغم تشعب مساراتها؟

د. ظافر الشهري: أنا في الأول والأخير أستاذ جامعي، قمت بتدريس الأدب العربي شعره، ونثره، قديمه، وحديثه على مدى عصوره المختلفة، من العصر الجاهلي وما قبله حتى عصرنا الحاضر، لأكثر من ثلاثين سنة، فلم تكن هناك صعوبة بالنسبة لي في الكتابة في مجالات وفنون الأدب، والنقد وفق ماورد في سؤالك، فهذا تخصصي الدقيق، وإذا كان هناك من أدين له بالفضل بعد الله سبحانه وتعالى في رحلتي مع الأدب والنقد بمختلف عصوره وفنونه، فهم طلابي وطالباتي في مرحلتي الدراسات الجامعية، والدراسات العليا، فهم والله من شحذوا همتي، وزرعوا في نفسي الرغبة والثقة في الإبحار معهم في هذه المحطات المشرقة من إرثنا الأدبي، والنقدي على مختلف العصور.

* الثبيتي، وجيله أخرجوا الشعر السعودي من التقليدية إلى التجديد

فرقد: بصفتك من أبرز المهتمين بالمدرستين الإحيائية والتجديدية  في الشعر السعودي، ماذا تقول لنا عن تأثير هذين الاتجاهين في الشعر السعودي؟ وهل استفادة من حركة الترجمة إلى اللغات الأجنبية؛ لتصل للعالمية؟

د. ظافر الشهري: من يتتبع مراحل تطور الشعر في المملكة، يجد أنه مر بالمدارس نفسها؛ التي مر بها الشعر في مصر، وبلاد الشام في مطلع العصر الحديث؛ حيث التزم  الشعراء  -إلى درجة كبيرة- بالنهج القديم في بناء وشكل القصيدة، وإن كانت بواكير التجديد في الصور والمضامين قد بدأت مع البارودي، وشوقي، وحافظ في مصر، ثم بدأت مرحلة شعر التفعيلة، وقصيدة النثر عند المجددين، وهذا حال الشعر السعودي؛ حيث تأثر كثير من الشعراء الرواد في المملكة بالمدرسة الإحيائية، كما هو الحال عند ضياء الدين رجب، والسنوسي، وأحمد قنديل، وابن إدريس، وغيرهم كثير، حتى جاء محمد الثبيتي، وجيله؛ الذين خرجوا على التقليدية، ونهجوا نهج المجددين في الوطن العربي، فالشعر السعودي ليس استثناء، ولكنه مواكب .

* اخترت خفاجي؛ لأنه لم ينل حقه من الدراسات النقدية، وتأليف الكتاب جاءت بفكرة من فريد مخلص.

فرقد: آخر اصدارتك كتاب ( إبراهيم خفاجي – شاعر الناس والوطن)، ما السبب في اختيار الكتابة عنه دون كثير من أعلام الشعر، والأدب في المملكة العربية السعودية ؟

د. ظافر الشهري: الشاعر إبراهيم خفاجي، شاعر كبير لم ينل حقه من الدراسات المتخصصة، ويكفيه أنه شاعر السلام الملكي، والدراسات المتخصصة  حوله شحيحة، وعندما توفي – رحمه الله – أقمنا له في نادي الأحساء الأدبي ندوة تأبينية كبرى، شارك فيها مجموعة من الإعلاميين والمثقفين، وكان ممن شاركوا في هذه الندوة، الإعلامي الكبير فريد مخلص، وهو كبير المذيعين في إذاعة جدة، وطرح عليّ فكرة عمل دراسة نقدية عن الشاعر إبراهيم خفاجي، فلاقت الفكرة قبولا كبيرا في نفسي وبخاصة عندما قرأت ما كتب عن الخفاجي فوجدت أنه لم يدرس من الناحية النقدية ، وهنا تناولته من هذا الجانب و  الحمدالله صدر الكتاب في اليوم الوطني التاسع والثمانين ووزع في حفل كبير في نادي الأحساء الأدبي.

* كتبت عن فن الرواية بالذات؛ لأنه الفن الذي لا يمكن الإمساك به تأليفا، أو نشرا.

فرقد: لماذا اخترت التأليف في الرّواية، وليس في القصة القصيرة مثلا، بالرغم من أن القصة أقدم منها نشأة؟

ظافر الشهري: ربما لأنني قمت بتدريس الفن الروائي لطلابي وطالبات في الجامعة كثيرا، وهذا ما جذبني للتأليف في هذا الجنس الأدبي، ولأن الرّواية هي الفن الأدبي؛ الذي لا، يمكن الإمساك به تأليفا ونشرا، حتى تفوق ما يصدر من الروايات في السنوات العشر الأخيرة،  عما صدر من الدواوين الشعرية، ولذلك كان مجال الكتابة في نقد الرواية أكثر منه في الشعر، وانفتحت شهية النقاد لهذا الجنس الأدبي، سريع الذيوع، والانتشار، وقد قال أحد هم عن الفن الروائي، بأنه جنس متوحش لا يمكن الإمساك به .

*كتابي _آفاق الرواية _ يتحدث عن بدايات الجنس الروائي، ولا يتناول مراحل التجريب أو الانغلاق لاحقا.  

فرقد: لك كتاب بعنوان ( آفاق الرواية – بنيةً وتاريخاً، ونماذج تطبيقية) حدثنا عن هذا الكتاب؛ الذي يبدو لي مرجعا مهماً في الرواية لمحبي الرواية وكتابها؟

ظافر الشّهري: في الواقع  هذا الكتاب  يرصد تاريخيا بدايات الجنس الروائي في الأدب العربي الحديث، ويقف عند بناء هذا الجنس، وبداياته، ويحلل نماذج روائية من روايات البدايات، ويقف عند الرواية في الأدب العربي الحديث بين السرديات التاريخية، والوافد الغربي؛ ليستجلي مدى تأثر الروائيين العرب في البدايات بالسرديات الغربية، وهو تأثر لا، يمكن إنكاره، والكتاب يقف عند البدايات حتى نضوج هذا الجنس في شكله السير ذاتي، ولا يتناول المراحل اللاحقة؛ التي قفزت فيها الرواية في الأدب العربي الحديث  من مرحلة التجديد إلى رحلة التجريب، وإلى الغموض والانغلاق أحيانا أخرى.

* ما يجعلني أقبل قصيدة النثر على أنها شعر، هي لغتها الشاعرية والراقية.

فرقد: لك الكثير من البحوث، ولكن سأقف معك عند أحدها وهو ( اللغة في النص الشعري الحديث)، كيف وجدتها؟ وما هي المساحة؛ التي تحتلها في الشعر الحديث؟

ظافر الشهري: هذا البحث من البحوث القديمة  وأذكر أنني تقدمت به مع ستة بحوث أخرى للترقية لدرجة أستاذ في العام ١٤٢٤هـ ، وهو بحث تخصصي مُحَكّم ، واللغة الشعرية أو لغة النص الشعري العربي لها سياقات فنية تختلف عن لغة النص النثري حتى إننا أحيانا عندما نقرأ نصا روائيا لغته فنية رصينة نقول:  هذا النص شاعريّ حتى ولو كان نصا سرديا. بالنسبة للغة النص الشعري الحديث – وأقصد هنا ما يسمى  بقصيدة النثر إن كان هذا ماتريدين في سؤالك – فأنا أرى أن المسوغ الذي يجعلني أقبله  على أنه شعر هي لغته عندما تكون فنية راقية موغلة في جزالتها وفنيتها ، وإلا فهو نص  نثري فني ليس إلا.

* نحن سبب ضعف اللغة العربية. 

س – أيضا لك بحث مهم جداً بعنوان(ضعف اللغة العربية، الأسباب والعلاج)، ماهي أسباب ضعف اللغة العربية حسبما توصلت إليه من خلال بحثك، وماهو العلاج الذي قدمته للقضاء على هذا الضعف؟.

ج – وهذا البحث أيضا هو في الواقع ورقة عمل تقدمت بها لندوة عقدت في جامعة الملك فهد للبترول والمعادن بالظهران  قبل وقت ليس بالقريب لا أتذكر تاريخه الآن، وكان عن وسائل تطوير تدريس اللغة العربية أو حول هذا الموضوع وتم نشر هذا البحث في إصدار عن الجامعة تضمن أبحاث هذه الندوة. أما عن أسباب ضعف اللغة العربية فلا أذيع سرا إذا قلت: إننا نحن من أسباب ضعف هذه اللغة، فهل قدمنا هذه اللغة لأبنائنا وبناتنا في مدارسنا وجامعاتنا ومؤسساتنا الثقافية الأخرى كما يجب ، أم إننا لا نزال نوغل في التقليدية  الميتة لتدريس هذه اللغة؟ ومع هذا بقيت وستبقى اللغة العربية حية نشطة قوية لأنها لغة القرآن الكريم .

* أقول: أن مستوى طلابنا مشرف، بل قد إنهم قد يتفوقون على غيرهم أحيانا.

س – أشرفت على الكثير من رسائل الماجستير والدكتوراه، داخل المملكة وخارجها، كيف تقيم مستوى التعليم والطلاب في داخل المملكة قياسا على الخارج؟

ج – كأستاذ جامعي نعم أشرفت وأشرف حاليا على كثير من رسائل الماجستير والدكتوراة داخل المملكة وناقشت كثيرا أيضا، كما ناقشت عددا من هذه الرسائل خارج المملكة، ولا أعدو الحقيقة إذا قلت : إن مستوى طلابنا وطالباتنا السعوديين مشرف ، وهم لا، يقلون  عن غيرهم  إن لم يكونوا أفضل ، وهذه حقيقة عشتها وأعيشها من خلال عملي في هذا الحقل العلمي ، وتبقى هناك فوارق بين مستوى هذه الرسائل العلمية هنا وهناك والكمال لله وحده.

*أنصح الأساتذة الجامعيين بأن يتقوا الله في طلابهم، وبعضهم للأسف يتلذذ برسوب طلابه.

س – الأستاذ الجامعي، مع التقدير لجهوده ومكانته، إلا أن  هناك من الطلاب  من يشتكي من طريقة تعامل بعض الأساتذة مع طلابهم في الجامعات ، إما من ناحية التعامل السلوكي معهم، أو من ناحية اعداد الأسئلة، أو حتى من ناحية منح الدرجات، بصفتك أكاديمي بِمَ تنصح الأساتذة الجامعيين للتعامل الأمل مع طلابهم؟ 

ج – الأستاذ الجامعي رجلا كان أو امرأة يجب أن يكون قدوة في الصدق والانضباط والتعامل والأمانة والثقة والعدالة حتى ينال محبة طلابه واحترامهم له، والإقبال على مادته بشوق وحب ، وهنا  أنصح أعضاء هيئة التدريس ومن في حكمهم من المعيدين والمحاضرين في جامعاتنا بأن  يتقوا الله في طلابهم ، وأن يتساموا في تعاملهم مع طلابهم ويخلصوا في تدريسهم ولا يضيعوا وقت الطلاب والطالبات وأن يلتزموا بتوصيف المقررات في الخطط الدراسية ، وصياغة الأسئلة وتوزيع الدرجات واحتواء الطلاب والطالبات وتوجيه سلوكياتهم للأفضل بأساليب تربوية تجعل منهم نماذج مشرفة للجامعة والوطن. 

مع الأسف هناك من أعضاء هيئة التدريس – وهم قلة – من يتلذذ بممارسة الفوقية ولغة التهديد والتحدي للطلاب  والطالبات ، كما يتلذذ برسوب الطلاب والطالبات ، فما معنى أن يكون عدد الطلاب أو الطالبات في  الشعبة  لا يتجاوز العشرة؟   ثم نجد نسبة الرسوب عند هذا الأستاذ يتجاوز العشرة؟   ثم نجد نسبة الرسوب عند هذا الأستاذ أكثر من  ثمانين في المئة ، لاشك حِينَئِذٍ أن الخلل ليس في الطلاب .

* أنصح الشباب بالمحافظة على وطنهم، وأن يكونوا عوامل بناء له.

س – ماهي كلمتك أو نصيحتك لأبنائك الشباب لبناء ذواتهم، وتحقيق أحلامهم، وليكونوا أفرادا فاعلين في المجتمع؟.

ج – أنا أوجه نصيحتي أولا للقائمين على مؤسساتنا الثقافية بأن يقتربوا من شبابنا وشاباتنا وألا يغلقوا أبواب مكاتبهم في وجوههم، فأبناؤنا الشباب والشابات فيهم خير كثير وسقف الوطنية لديهم عاليا جدا، علينا فقط أن نقترب منهم ونسمع لهم ونتبنى مواهبهم وإبداعاتهم ومبادراتهم ونوجههم  وسنجني ويجني الوطن منهم خيرا كثيرا ، أما نصيحتي لأبنائي وبناتي الشباب والشابات فتتخلص في دعوتهم للالتزام بمبادئ دينهم السمحة بعيدا عن الغلو والتطرف وأن يكون وطنهم هاجسهم الأول والأخير في المحافظة عليه وعلى مكتسباته ومقدراته وأن يكونوا عوامل بناء  وقدوات صالحة في مجتمعهم . 

* كلمة الختام.

فرقد: توقفت عجلة حوارنا عند هذه المحطة، ووصلنا للختام ، وأترك لك مساحةً بيضاء لتنثر فيها حروفك كيفما تشاء، فتفضل؟

ظافر الشهري: لا أَجِد ما أقوله هنا أفضل من التوجه لله سبحانه وتعالى بالدعاء الصادق، بأن يحفظ وطننا المملكة العربية السعودية، وأن يديم علينا ما ننعم به من الأمن، والاستقرار، والأمان ورغد العيش، وأن ينصر جنودنا حماة الوطن في الحد الجنوبي، وفِي أي موقع على رقعة وطننا الكبير، بمساحته الممتدة، كما أدعو الله عز وجل أن يحفظ  أبناء هذا الوطن؛ لنبقى، وتبقى أجيالنا الحاضرة، والقادمة خداما أوفياء لمقدسات المسلمين في مكة المكرمة، والمدينة المنورة هذا الشرف العظيم الذي اختصنا الله به حكاما ومحكومين في المملكة العربية السعودية.

وبدورنا في مجلة فرقد الإبداعية، نتقدم بوافر الشكر والتقدير للدكتور/ ظافر الشهري، راجين له دوام التوفيق والسداد.  

 

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

جميع الحقوق محفوظه مجلة فرقد الإبداعية © 2022
تطوير وتصميم مسار كلاود