مقالات مشابهة

الأكثر مشاهدة

محمد المبارك* دخلت غرفتها، أخذت أجول بناظري أتلفت يمينًا وشمالًا، أستنطق كل ما ه …

جمانة

منذ 4 أيام

47

0

محمد المبارك*

دخلت غرفتها، أخذت أجول بناظري أتلفت يمينًا وشمالًا، أستنطق كل ما هو مركون بتلك الحجرة في زواياها، على رفوفها، على المنضدة.

كل شيء مبعثر على الأرض؛ مشطها الذي كانت تسرح به شعرها، ذلك الشعر المسدل إلى ركبتيها، على تسريحة غرفتها يقع نظري على أحمر الشفاه الذي طالما رأيتها وهو بين أناملها تدقدق به شفتيها الزهراوتين، بجانبه الحزام الذي تشد به خصرها المهفهف غير المغاض النحيف اللطيف.

ما زالت الأشياء في الغرفة متنأثرة؛ ذلك الفستان الأخضر الذي يذكرني باخضرار قلبها ونقائه.

سريرها الذي تغط عليه بأحلامها الوردية، لتصحو فأقابلها بوجهها الصبوح الملائكي، كل ذلك ذكرني بأيامها التي تأبى أن تفارق ذاكرتي التي شاخت وعفى عليها الزمن، إلا من ذكرها الذي لا يزال وسيظل يراودني، بكيت وبكيت، تساقطت الدموع بغزارة عندما رأيت رسالتي التي كتبتها لها منذ أشهر مباركًا تفوقها في تخصصها بذلك المعهد الذي ظلت تصول وتجول فيه لأربع سنوات من عمرها القصير.

المكان يأسرني، ففي كل مكان أتخيل صورتها، صوتها، شكلها، في البيت وفي الطريق وفي السيارة، في المعهد، في كل مكان…

كل هذا وأنا في صمت مطبق أجهش بالبكاء في داخلي، يحدثني قلبي ويخاطبني الوجدان وتهمس الذاكرة بكل تفاصيل وجودها معي.

ونحن على أريكة النادي نحتسي القوة، ونحن على منصة التتويج، ونحن بين الرفاق، في كل حال أتذكركِ أشتاق إليكِ، حتى وإن مررتِ بطيفي ورأيتكِ في عالم المنام سأظل أشتاق إليكِ.

أين أنتِ يا جمانة، أين أنتِ…

أين أنتِ وأنتِ تهمسين في أذني عن الدلوعة، عن الحب، عن الوله، وهمسك يدغدغ أذني ويلامسها.. 

أتذكر ذلك جيدًا..

أتذكر عندما ذهبنا سويًّا إلى البائع لنأكل الذرة والتمس، نضحك.. ونغادر المكان والأعين ترقبنا.. 

نتوارى عن الأنظار خجلًا..

ونحن في مخاض الذكريات.. في مخاض السعادة والابتسامة.. ترحلين دون سابق عهد يتجدد دون موعد ودون لقاء… 

أين أنتِ يا جمانة، أين أنتِ… 

*كاتب من السعودية 

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

جميع الحقوق محفوظه مجلة فرقد الإبداعية © 2022
تطوير وتصميم مسار كلاود