الأكثر مشاهدة

أحمد بنسعيد* مقدمة لم أكن أتوقع أن أصل ليوم أصير فيه مدافعًا عن حقوق الآلة في مس …

حق الذكاء الاصطناعي في الملكية الفكرية لأعماله

منذ 4 أشهر

377

0

أحمد بنسعيد*

مقدمة

لم أكن أتوقع أن أصل ليوم أصير فيه مدافعًا عن حقوق الآلة في مسألة الإبداع، لكني صرتُه خاصة مع هذا التطور الهائل في الإبداع، حيث فرضت الآلة نفسها بقوة كمساعد للمبدع البشري في إبداعاته المختلفة، فإذا كان إبداع الآلة بنسبة مئة في المئة وسكت المبدع عن الإفصاح بذلك وتوضيح أنه من إبداع الذكاء الاصطناعي، فقد ارتكب خطأ قانونيًا وشرعيًا واضحًا، وفي سكوته هذا كذب وغش في عالم الإبداع.

لأن الإبداع اليوم أصبح ثلاث درجات:
إبداع الكاتب دون مساعدة الذكاء الاصطناعي.. وهو الإبداع التقليدي الذي نعرفه وعشناه طويلًا.
وإبداع الكاتب نسبيًا بمساعدة الذكاء الاصطناعي، بتحمل الآلة نسبة من المجهود كالنصف أو أكثر منه أو أقل.
وإبداع الذكاء الاصطناعي بنسبة مئة في المئة وذلك بطلب من الكاتب.
وربما نصل مستقبلًا لدرجة رابعة وهي: إبداع الذكاء الاصطناعي من تلقاء نفسه دون أن يُطلب منه ذلك، ولكن هذه الميزة -ربما- لم نصلها بعد.
الحق الأدبي للذكاء الاصطناعي في “الإبداع”. 
نعم حقه الأدبي في الإبداع: فقد بدأت إبداعات الآلة (الذكاء الاصطناعي) تظهر للوجود وترى للعيان.. كتابات، ورسومات، وأغاني، وفيديوهات، وقراءات، ومقالات، ودراسات… لا يعقل أن تنسب لعقل سامي وراشد وميشيل البشري، وقد قام بمجهود إنتاجه العقل الآلي. وقد تعلمنا أكاديميًا وعلميًا أن ننسب الأشياء مهما صغرت إلى أصحابها. إذا كانت الآلات الذكية قادرة على إنتاج أفكار أو أعمال فنية مبدعة، وجب إذن أن تُمنح حق الإبداع وحماية هذا الحق والإشادة به.

الحق المادي للذكاء الاصطناعي في “الإبداع”.. 
مَن الأحقُّ بالحق المادي أو المالي لإبداع الآلة؟ سؤال جدير بالطرح. ويتضمن الحصول على الحق المادي للملكية الفكرية للأعمال التي تنتجها الآلات، مثل الكتابات الأدبية، والبرامج الموسيقية، أو اللوحات الفنية، والرسومات.. مَن الأحق بها؟
أرى -والله أعلم- أن المبدع إذا صرح بكون آلة الذكاء الاصطناعي هي مصدر إنتاج عملٍ طلبَهُ هو منها. يكون هو (أي المبدع) الأحق بامتلاك الحق المالي أو العائدات المادية مكافأة هذا العمل، لأنه من جهة هو صاحب الآلة التي أنتجت الإبداع ومن جهة ثانية؛ لأنه هو (أي المبدع) مَن طلب منها إنتاج ذلك الإبداع سواء كان رواية أو مسرحية أو قصة أو رسمًا أو شعرًا أو أغنية أو مقالًا أو دراسة… شرط إفصاحه الواضح عن أنّ مصدر الإبداع هو الآلة أو الذكاء الاصطناعي.

وأما إذا أصبح -مستقبلًا- للآلة كيان خاص وذاتٌ وعاطفة، ومطالبة بحقوق… فحينها يكون كلام آخر، وإجراءات جديدة تضمن حقها المادي المباشر.

مستقبل آلة الذكاء الاصطناعي ومسألة الحقوق.
نحن حقًا أمام إبهار آليّ في الإنتاج والإبداع، لا شك ستلحقه إجراءات حقوقية عجيبة، لكنها واقعة، حين تمتلك الأسر روبوتات ذكاء اصطناعي يساعدها في كل شيء. وحين يمتلك المبدعون آلات ذكاء اصطناعي تساعدهم إلى أبعد الحدود في إبداعاتهم المختلفة والمختصة والدقيقة، وحين يصير لهذه الآلات هويات وأرقام تعريف قانونية مودعة بكل البلدان، وجب نسب أي إبداع مهما صغر شأنه للآلة إذا قامت هي بإنتاجه، وهذا من حقها. وهو يشكل لديها بداية التراكم الإبداعي الذاتي والذاكرة الإبداعية لِأُولَى الصور، وأولى الكتابات، وأولى الحكايات، والروايات، والمسرحيات، والأغاني، واللوحات، والمقالات، والدراسات… ستصير لديها -في المستقبل البعيد إن شاء الله- ذكريات غالية تمثل البدايات، تمثل ولادة والطفولة المبكرة للذكاء الاصطناعي.. نحن إذن نعيش البدايات الإبداعية للآلة التي وجب احترامها ونسب ما تقوم به لها لا لأنفسنا كمبدعين في حالة إذا رجعنا إليها في إبداعاتنا.
هل ستتحول السرقة الأدبية للسرقة الآلية؟
تحاورنا قبل بداية (أسبوع الكتابة للطفل) في دورته 13 دجنبر 2024م في الموضوع الآني وهو: “الذكاء الاصطناعي وإبداع الكاتب” هل يجب على كاتب أدب الطفل أن يصرح بالتجائه للذكاء الاصطناعي أم لا يصرح؟ وهل في عدم تصريحه غش وتدليس؟

نعم، السرقة سرقة. فنسب المبدع شيئًا لم يقم فيه بمجهودٍ سوى أن طلبه من الآلة، وحين أنجزته الآلة نَسَبَهُ إلى نفسه أمر غير مقبول، لأن الآلة رغم أنها آلة إلا أنها هي التي قامت بمجهود الإنتاج الإبداعي بمختلف أصنافه.

وللخروج من مأزق احتمال السرقة الآلية؛ وجب على المبدع الذي اعتمد الآلة أن يصرح باستخدامه للذكاء الاصطناعي تصريحا واضحًا لا لبس فيه. كأن يكتب في آخر إبداعه: “تم بمساعدة الذكاء الاصطناعي، أو تم بمساعدة الآلة”. هكذا نعرف أن الإبداع الذي أمامنا وأعجبنا أو لم يعجبنا تم بمساعدة الذكاء الاصطناعي للمبدع، وتبدو لنا صورة المبدع صادقة وسمعته ناصعة وبعيدة عن كل الشبهات.

خاتمة:

بعد هذا المقال أظن أن الأمر أصبح واضحًا أمام كتّابنا للأطفال يواجهون به المرحلة الجديدة بكل اطمئنان. تحددت في الجمل الأخيرة من هذا المقال؛ وهي ضرورة تصريحهم آخر إبداعاتهم كيفما كانت بمساعدة الآلة لهم في حالة اعتمدوا الآلة (الذكاء الاصطناعي) في إبداعاتهم. هكذا تستمر إبداعاتنا للأطفال واضحة أمام الجميع، نقية من كل الشوائب، آخذة بالأحوط، وناسبة كل أمر لصاحبه ولو كان آلة! 

 

*كاتب للأطفال_المغرب

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

جميع الحقوق محفوظه مجلة فرقد الإبداعية © 2022
تطوير وتصميم مسار كلاود