سهام السعيد *

وسط أحداثٍ غيّرت العالم وحيّرته من مأساة سوريا إلى حرب غزّة وحرائق أمريكا وما حصل ويحصل من فوضى وعبثيّة وانتهاكات في مختلف بقاع الأرض… أقبل رمضان… أقبل فأعطى نفوسنا المنهكة جرعة طمأنينة وسط هذا الرّعب الدّمويّ المحيط بنا من كلّ جانب… وكم تحتاج أعيننا إلى سكينة مطلقةٍ تجعلها تغفو بعمق بعيدًا عن القلق والأرق الّذي أمسى مزمنًا… 
أقبل رمضان لينتشلنا من غرقنا في متاعب الحياة ليأخذ بيدنا نحو مكان أكثر أمنًا… نتقرّب فيه إلى اللّه فتزول كلّ المتاعب… وتطمئنّ القلوب المتعبة…
أقبل رمضان… فماذا عنّا؟!
هل تحرّرنا من انشغالنا بالدّنيا ودناياها وبتنا أكثر التزامًا بعباداتنا؟!
هل تحرّرنا من أحقادنا… وأخطائنا… والشّرّ المتعشّش فينا وبِتنا أكثر نقاءً وحبًّا للغير…
هل تحرّرنا من تهافتنا خلف ملذّات الحياة دون سعيٍ وراء آخرتنا…
هل ما زلنا عبيدًا للمال… لاهثين خلف المكاسب… والمناصب… دون الأخذ بعين الاعتبار حلالها من حرامها…
وسط كلّ ما جرى ويجري في هذا العالم البشع البعيد عن القيم السّامية… ما زلنا نرى جبروت البشر… مازلنا نرى جهلهم يزيد بشاعة هذا العالم… ويزيد المأساة فداحةً… كرّمهم اللّه بالعقل وما زالوا لا يتقنون تصحيح مسار حياتهم بالعقل والمنطق والحكمة…
ما زلنا نرى القويّ يأكل الضّعيف… والسّفيه يزداد سفهًا… والظّالم يتمادى في ظلمه… 
ما زلنا نرى الكره يطغى على الصّفح… والتّسلّط يدوس الكرامات… فيزيد الشّرخ بين النّفوس… ويعمّق جراحاتها… التّشتّت يتجذّر… والفقر يزداد توحّشًا… تكاثر الفقراء الجياع… لكثرة اللّصوص والمارقين والمعتاشين من قوت المساكين وحقوقهم… الخراب في كلّ مكان… ولا عمار ما دامت النّفوس ما زالت مريضةً…
أقبل رمضان… فهل تراه سيرانا بحلّة جديدة مختلفة عمّا سبق؟ حلّةٍ أكثر بهاءً واستقامةً… 
إنّ أمّتنا أمّة الأخلاق الحسنة… فهل ترانا سنرتدي عباءتها ونرفع لواءها؟
أقبل رمضان فلنكن أهلًا له… ولنخرج منه بنفوس أكثر طهرًا وقلوبٍ نقيّة تقيّة… وأيدٍ نظيفةٍ بها نعيد بناء ما هدم فينا…

* كاتبة سورية