313
0
379
0
95
3
611
0
689
0
14
0
52
0
51
0
1084
24
الرياض_فرقد تستضيف هيئة الأدب والنشر والترجمة، سلطنة عُمان الشقيقة كضيف شرف للدورة المقبلة من معرض الرياض الدولي للكتاب 2023، والذي سيقام تحت شعار "وجهة ملهمة" خلال …
12007
0
10473
0
9996
0
8904
5
7507
0

مريم الحسن*
تبرق السماء، وقد ارتفعت هجمات رعدية مروعة، يضيء البرق المكان فيسفر عن صورة ظل لرجل يحمل امرأة تحمل جنينًا في بطنها، يتسلل أنينها مع زخات المطر التي تهطل في تلك الساعة المتأخرة من الليل، يحملها إلى قسم الطوارئ، فينزل الآخرون بقربها، ثم يتركوهما، لتجهيز غرفة عمليات مستعجلة، كان باستطاعة الطبيب أن يشخص الحالة التي أمامه وهو يسمع أصوات الجهاز في أذنيه.
“تحركن بسرعة؛ ولادة مبكرة” قال ذلك وهو يتحرك مستعجلًا إياهن.
رددت الممرضات “طفل خديج!”.
يسقط الطفل بين أيديهن، يسعفونه سريعًا وينقلونه إلى الحضانة في العناية المركزة.
يقول الدكتور “الأسبوع الثالث والعشرون من الحمل، ستة أشهر؛ قد يعيش هذا الطفل بمعجزة أو بعناية فائقة”.
يسجل الرجل معلوماته ومعلومات الأم في الاستعلامات على عجل، ويرحل على وعد أن يعود غدًا ليطمئن على المولود ووالدته، لكنه خرج ولم يعد.
ترقد الأم في غرفة خاصة تحت العناية، تقضي ثلاثة أيام في صمت وحزن، إلى أن يخلي سبيلها الطبيب المختص، تغادر المكان على نية العودة لزيارة طفلها، لكنها تغيب ولا تظهر من جديد.
يبقي الطفل لنحو ثلاثة أشهر بين أيدي الممرضات والأطباء يعتنون به، ويسعدهم تحسن حالته ونموه بشكل سليم، عندما أجروا له العمليات كانوا بحاجة الى تخويل من ولي الأمر، ذلك الرجل لم يأتِ، لكنه وقع ورقة تركها في الاستعلامات بأنه موافق على كل ما هو في مصلحة “المولود”.
حين فقد الطفل وعيه يومًا، اتصلوا بوالده الغائب حتى يعلم ما يحدث معه ويتابع حالته، لكن لا جدوى من الاتصالات، الرجل مختفي في غموض ولا يعلمون ما قصته، يدهشهم كيف لأب ألا يسرع إلى ابنه هكذا، يوجد قليل من الأطفال المرضى، وكل الأهالي يعرفون بشأن حالة أطفالهم، إلا هذا الطفل الذي لم يعده أحد، ولم يأت لزيارته لا أب ولا أم، ولم يحصلا على شهادة ميلاد أيضًا.
يشعرون كما لو أن هذا الطفل منبوذٌ، ماذا يحدث لوالديه يا ترى؟!
تكتب إدارة المستشفى عدة خطابات إلى الأب لم يطلع عليها، أو يكون تجاهلها ربما، أو لم تصل إلى يده، هكذا ظنوا لأنهم لم يحصلوا منه على أي تجاوب، الكل مندهش هل تصله الرسائل أم لا؟!
ترتبها الموظفة المسؤولة حسب التاريخ، ويقرأها المدير كلها مباشرة، كانت جميعها من المشفى وما من رد مقابل عليها، يندهش كثيرًا ثم يؤجل أمر المراسلة.
* * *
بعد ثلاثة أشهر من المتابعة، تصرح لجنة العلاج أن الطفل في حالة جيدة ويجب أن يغادر المستشفى.
يتفقون بعد انتهاء المدة على مراسلة الأب من جديد؛ يجب عليه أن يأتي لاستلام الطفل، ولم يكن الرجل ليأتي ولا يتصل!
من المفهوم انه لن يعود، ولن يرد، طالما تأخر كل هذا الوقت، حينها اضطرت الإدارة، في محاولة أخيرة، قبل أن تقرر تسليم الطفل لدار أيتام، أن تتصل برقم الأم المدون عندهم من الولادات السابقة.
ترد الزوجة قائلة بعد سماعهم “لكن أنا لم أنجب أي طفل حديث عهد، ولم أزر المستشفى بتاتًا”.
استغرب مدير المستشفى من تصريحها الغريب، وأكد عليها: “هل أنت أكيدة من ذلك؟”.
– “نعم”.
“لكن معلوماتك مسجلة بخصوص أم المولود”.
– “ليست مشكلتي يا دكتور”.
“وأين زوجك والد الطفل؟”.
– “هو مسافر من أجل عمله، ليس هنا منذ أشهر”.
أغلقت الخط واتصلت بزوجها لتخبره بما حدث، وكانت الصدمة الكبرى التي جعلتها تشعر كأنه سكب عليها ماء باردًا في عز الشتاء.
“وجدت المرأة في ليلة ممطرة، وأنا في طريقي إلى المطار وهي تعاني من آلام المخاض، فأخذتها إلى المستشفى، وكنت في عجلة من أمري، فسجلت معلوماتي، وفي ظني أنها ستغادر مع طفلها، ونسيت أمرها تمامًا”.
*كاتبة من السعودية
التعليقات