699
1827
036
041
0104
053
078
0الرياض_فرقد تستضيف هيئة الأدب والنشر والترجمة، سلطنة عُمان الشقيقة كضيف شرف للدورة المقبلة من معرض الرياض الدولي للكتاب 2023، والذي سيقام تحت شعار "وجهة ملهمة" خلال …
11903
05711
05652
05379
04865
0محمد بن ربيع الغامدي*
اليوم الوطني قيمة عليا ذات دلالات تأخذ بأيدينا نحو الوطن، الوطن بكل عناصره من تراب وهواء وحياة تتحرك على أرضه، تترك بصماتها على أسطحه المختلفة، ومادام اليوم الوطني قيمة تشير إلى الوطن فلا مطالب لنا ولا شروط في الاحتفاء به، نحتفل به على الجوع مثل احتفالنا به على الشبع، وفي العري مثلما في الاكتساء، وفي الفقر كما في الغنى، وفي المرض مثلما في الصحة، وفي الغضب مثلما في الرضا، وفي السفر مثلما في الإقامة، ذلك أن ما يعترينا من جوع وعري وفقر ومرض وغضب وسفر ليست بسبب الوطن، بل من مسببات لا تغيب عن ذي فطنة.
اليوم الوطني لكل الناس مثلما الوطن لكل الناس، ومثلما للوطن أصدقاؤه فلليوم الوطني أصدقاؤه أيضا، وما دام هناك أصدقاء لليوم الوطني وللوطن فهناك لهما أعداء أيضا. فكل من يجعل الوطن محبوبا للمواطن هو صديق للوطن وصديق لليوم الوطني وكل من يجعل الوطن منفّرا للناس فهو عدو للوطن ولليوم الوطني معا.
الوزير والأمير والمحافظ والمدير والتاجر والموظف الذي ينهض بواجبه كاملا أو يجتهد في النهوض به مقتربا من الكمال هو صديق للوطن لأنه يجعل الوطن محببا لمن يعيش في أكنافه، أما الوزير والأمير والمحافظ والمدير والموظف الذي ينام ملء عينيه تاركا هموم الناس ومشكلاتهم على رف الإهمال فهو يجعل الوطن منفّرا للناس وهو عدو للوطن لا ينتطح في ذلك كبشان ومثلهم التاجر اللئيم الذي يدوس على رقاب الناس ليزيد رصيده مليونا آخر.
في يوم الوطن ننحاز للوطن فلا نحمله أوزار أعدائه أولئك. لابد أن نسميهم بأسمائهم، فلا نجعل من أخطائهم تلك نكتا سوداء في صفحات حبنا للوطن، بل نجعلها سوادا يجلل وجوههم، فمن يجعل الوطن بيئة متعبة للمواطن هو عدو للوطن ولرموز الوطن ولتاريخه ولترابه ولمائه وهواه وعدو ليومه الوطني كذلك. أولئك الأعداء هم بين جاهل وبين جشع طماع أناني وبين مهمل كسول ولاه الله أمرا لا يستحقه، وحريّ بالمواطن أن يشير إليهم بالسبابة فهم أعداؤه، وعلى أصدقاء الوطن من الأمراء والوزراء والمحافظين والمديرين والتجار الناصحين وعموم الموظفين أن يخرجوهم من بين صفوفهم فالوطن حق للجميع، ويومه يوم جميل يأخذ بأيدينا إليه دائما.
علينا أيضا أن نحذر فئة أخرى ولنقل عنها فئة الخفافيش الذين تنساب أفكارهم إلينا تحت جنح الظلام فيفتشون في حياة النبي محمد صلى الله على وسلم وفي حياة صحابته وفي حياة السلف الصالح ما يوهمون الناس معه أن الوطن منكر والوطنية أم المنكرات فقالوا فيما قالوا أنّ الرسول صلى الله عليه وسلم قد ترك مكة إلى المدينة، فلو كان المكان رابطة ما فعل، وقد تناسوا ما قاله صلى الله عليه وسلم وهو يغادر مكة المكرمة وقلبه يتقطع ألما على وطنه الأول مكة المكرمة. واستشهدوا بالرسول صلى الله عليه وسلم وموقفه من عمه أبي لهب على أن العلاقة العائلية تنتهي أمام العقيدة فتناسوا أن ذلك الموقف ما كان إلا بسبب الأذية الذي جبلت عليه نفس أبي لهب والا فكيف نفسر علاقته بعمه أبي طالب وهو مشرك أيضا؟ أولئك الخفافيش انما هم قوم يحطبون في حبال غيرهم، فيهونون من شأن الوطن ومن شأن يومه الوطني يظنون أنهم – إن نجحوا- فقد دقوا إسفينا بين المواطن ووطنه فيسهل عليهم التخريب.
وكم هو جميل- قبل ذلك وبعده – أن نهيئ أنفسنا لنكون أصدقاء للوطن، فيسهم كل واحد منا في جعل الوطن بيئة مريحة له ولغيره، وفينا الأمير والوزير والمحافظ والمدير والموظف، وفينا الطالب وفينا الإعلامي وفينا المهني وفينا العاطل عن العمل أيضا وفينا غير ذلك وكل واحد منا يعي تماما ما هو مطلوب منه ليجعل من الوطن بيئة مريحة له ولغيره، ويعي كيف يكون الوطن حكما بيننا وبين أعداء الوطن.
كاتب سعودي*
حساب تويتر: @mohadrabea
التعليقات