مقالات مشابهة

الأكثر مشاهدة

سمحه محمد العرياني* ليس أدبُ الطفل مجرّد أداة تعليمية أو وسيلة بث معرفي، بل هو ف …

حين يصنع الأدبُ ذائقةَ الطفل

منذ أسبوعين

45

0


سمحه محمد العرياني*

ليس أدبُ الطفل مجرّد أداة تعليمية أو وسيلة بث معرفي، بل هو في جوهره مهندسُ الذوق وراعي الجمال. إن الفعل الذي يمارسه هذا الأدب في نفس الطفل هو فعل التربية الجمالية؛ تلك القوة الناعمة التي لا تمنح متعةً مادية، بل تُهدي النفسَ جوعًا شريفًا إلى الرونق والإتقان.

حين يتفاعل الطفل مع عملٍ إبداعي — سواء أكان لوحةً متقنة تروي حكاية بصرية، أم كلماتٍ منتقاة تُشكل إيقاعًا موسيقيًا عذبًا — يبدأ لا إراديًا في تدريب حِسِّه الداخلي على تذوق الجمال.. هذا التدريب يعلمه كيف يُدرك الجمال ويتفاعل معه، وكيف يُميّز بين الغثّ والسمين، حتى يصبح رفضُ القبح فطرةً أصيلةً، لا قرارًا واعيًا.

هكذا يتحول الكتاب إلى صديقٍ أول ومرشدٍ وفيّ؛ ليس مجرد صفحاتٍ تُقلب، بل نافذةٍ تُطلّ منها روحُ الطفل على الحياة، ليكتشف أن تفاصيلها الصغيرة تستحق أن تُعاش بكل بهجتها.. وتُرسل النصوصُ الراقية رسالةً خفية مفادها أن جوهر الكلمة النقية هو النور الذي يبدد العتمة ويُثري الروح.

ولا يقف أثر الجمال عند حدود الطفولة، بل يمتد ليُشكّل الأساس المتين لذائقة الإنسان في حياته كلها. فذلك الذوق الرفيع والحس المرهف الذي يكتسبه الطفل من القراءة والمحتوى الجميل، يرافقه رفيقًا صالحًا ينمو معه، ويرشده في اختياراته المستقبلية؛ لذلك فإنَّ غرس الجمال في الطفولة هو غرسٌ للإنسانية ذاتها، ولجمالٍ يرافق الإنسان مدى الحياة.

 

* مدربة معتمدة محليًّا ودوليًّا
مستشارة أسرية وتربوية _ سعودية
@samha_aliryani

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

جميع الحقوق محفوظه مجلة فرقد الإبداعية © 2022
تطوير وتصميم مسار كلاود