الأكثر مشاهدة

عاشت الطفلة سلوى محمد عبد الحليم، من جمهرية مصر العربية، بالصف الأول أعدادي بمدر …

حابي

منذ 3 سنوات

519

0

عاشت الطفلة سلوى محمد عبد الحليم، من جمهرية مصر العربية، بالصف الأول أعدادي بمدرسة الرائد المتكاملة للغات، أجواءً خاصة في سرد قصة خيالية ممزوجة بالواقع  مع بعض التفاصيل التي سمعتها وشاهدتها  في الحياة اليومية، وفي سنها  المبكر حولت  قطرات الخيال إلى حكاية كاملة. قراءنا  أترككم مع الرحلة  والطفلة سلوى:

أعلنت لجنة الأنشطة بالمدرسة عن قيام رحلة نيلية فى المدرسة يوم الأحد القادم، وعلقتها على حائط المدرسة. لفت انتباه سلوى الإعلان وفرحت به كثيرًا فهى تحب النيل كثيرًا، فقد قرأت عنه فى الكتب، وشاهدت له أفلاما مصورة، وقد درسته في مادة الدراسات الاجتماعية، وقد حكت لها المعلمة عن تاريخ الإنسان المصري القديم والحضارة المصرية التي بدأت على جانبي النيل.

تحمست سلوى كثيرًا للرحلة وطلبت من والدها الاشتراك فيها، وافق والدها على الذهاب طبعا أنه النيل شريان الحياة لمصر والمصريين، استعدت سلوى هي وأصدقاؤها في المدرسة للذهاب إلى الرحلة  النيلية والتأمل وركوب المركب معا.

أخذت سلوى تتذكر كلام معلمتها منى أن النيل وَفيُّ بالمياه الكافية وقت فيضانه في مصر، على مر التاريخ، فلعب النيل دورا كبيرا في حياة المصريين قديمًا وحديثًا وأن الحضارة المصرية القديمة قامت على ضفتيه وبهرت العالم من أكثر من سبعة الالف عام.

وفى مصر القديمة قدسوا النيل باعتباره مصدر الحياة والخير في مصر، ورمزوا له ( بالحارس حابي ) وأنهم تخيلوه على هيئة رجل جسمه قوى،  وأحيانا شبهوه بالحارس أوزوريس رمز الوفرة والفيض والخير، وبما أن الحارس حابي كان مزاجه متقلب مرة يرضى فيكون بمنسوب مناسب، ومرة يغضب فيرسل فيضانًا عاليًا يهدد بإغراق الأراضي، ولذلك كان لابد من ارضائه بالذبائح، والهدايا و والأعياد للاحتفال بوفائه العظيم، فالأسطورة تقول أن كل عام المصريين كانوا يرمون عروسًا في النيل ليرضوه.

نامت سلوى وكلها حماس للرحلة غدًا، ركبت الحافلة هي وأصدقاؤها، وبعدما ركبوا المركب وبدأت الاستمتاع بالجو البديع، والشمس المشرقة التي تعكس اشعتها على مياه النهر العذبة، أخذت المعلمة منى تحكى لهم وتذكرهم بالمعلومات، بدأت سلوى بالاستمتاع بالرحلة مع تناول الحلوى الخاصة بها، وبعدها رمت الورقة في النيل،  وعندما اقتربت يدها من المياه أحست بشيء يسحبها للأعماق ..وفجأة وقعت سلوى من المركب وأخذت عبير صديقتها  تصرخ للمعلمة ، سقطت سلوى ….سقطت سلوى …

سقطت سلوى وغاصت في أعماق النيل، حاولت أن تعوم وتصعد للسطح مرة أخرى، ولكن تسمرت مكانها ولم تستطع أن تتحرك ….وجدت أمامها رجل ضخم قوى فزعت سلوى لرؤيته وأخذت تسبح بعيدًا عنه، ولكنه قوى يسبح بسرعة، أوقفها وطلب منها التحدث معها.
وقفت سلوى وهى خائفة ترتعش منه، ولكنها وقفت لتسمعه، قال لها: أنا الحارس حابي، حارس النيل، من أنت ؟

قالت له: أنا سلوى.
ماذا أتى بك إلى هنا ؟
قالت سلوى: أنا في رحلة مع المدرسة.
قال حابي: وكيف تنزلين إلى النيل بدون إذني.
قالت: أنا سقطت من المركب وأريد أن أصعد للسطح،  وألحق بأصحابي وبرحلتي، وأخاف أن يتركونني ويعودوا للشاطئ بدوني.
قال الحارس حابي في غضب شديد: مركب ….. !  ومن أذِن للمركب بالإبحار في نيلي المقدس ؟

قالت سلوى: هل المفروض أن نستأذن من أحد ؟ ! المدرسة نظمت الرحلة، واشتركنا فيها، ولم نكن نعرف أن يجب علينا أن نستأذن أحد !.
قال  الحارس حابي: أنا حارس النيل ولا يستطيع أحد أن ينزل النيل أو يستخدمه، أو يشرب منه إلا بإذني، ثم إنني غاضب منكم جدا فاندهشت سلوى وسألته لماذا أنت غاضب ؟ فقال لها: أنا لا أجد مملكتي، أين قصرى ؟، وأين حراسي ؟، وأين زرعي الأخضر الذى يملأ الحقول وأين أشجاري المثمرة التي كانت تملأ جانبي النيل ؟ ما كل هذا البناء على جانبي النهر ؟ أنا لا استطيع أن أرى مملكتي  …!  أكمل حابي  كلامه مع سلوى وهو غاضب جدًا،  كانت بمملكتي حدائق للزهور مثل اللوتس والأقحوان، وأزهار الغلال الزرقاء المرسومة على أرضيات قصرى بمصر الجميلة، أين النباتات الجميلة بزهورها و التي كانت  تنمو على ضفاف النيل؟ أين نباتات الزينة مثل اللبلاب المتسلق على الجدران .. أين سنابل القمح ؟ وسيقان نبات الكتان ؟ لم أعد أراها  والزهور الجميلة التي نستخلص منها الألوان أين ذهبت ؟ وأين سيقان البردى ؟ ومصانع الورق التي كانت تملاء الساحات … ؟، أين ذهبت المزارع و المصابغ ومعامل التحنيط  والمباني الطينية الطيبة  ؟، هل رحل المصريين البسطاء الطيبين من أرض طيبة ؟ وما هذه المباني العالية المخيفة ؟

وماذا حدث لمياهي الزرقاء النظيفة اللامعة ؟ لماذا  تعكرت ؟ لماذا ترمون فيه الأوراق والمهملات ؟ وما هذا الزيت الأسود الذى يطفو على سطح نيلي المقدس ؟ هل تعلمين أين ذهبت تلك اللوحة الكبيرة المكتوب عليها ( إلى كل من يلوث ماء النيل سوف يصيبك غضب الحارس فأحذر). إننا أهل طيبة الطيبين  نقدس النيل من خلال حرصنا على طهارة ماء النيل من كل دنس، إن الحفاظ على النيل واجبنا الأول والأخير، ومن يلوث هذا الماء  الذى وهبه الله لنا  يتعرض لعقوبة من الله لانتهاكه غضبنا يوم الحساب.

وكانت سلوى في منتهى الحزن والأسى وهى تسمع ( حابي ) يبكى تلوث النيل، واهماله وتستمع له وفى عينيها دموع الحسرة على هذا العظيم هبة الله  وقد أصابه كل هذا الكم من التلوث .. ويكمل (حابى ) لسلوى ويقول: لماذا يا سلوى  لم تعدوا تحتفلون بالنيل ؟، هل أصبحتم في غنى عنه ؟، أم لم تعدوا تهتمون بأهميته وبحثتم عن نيل أخر ؟ أعندكم نيل غير هذا يا سلوى ؟ صمتت سلوى وأحمر وجهها خجلا، وهمت بالرد على الحارس حابي  ولكن .. بماذا ترد ؟ فأكمل الحارس حابي كلامه …

أنتم لا تشعرون  بأهميته، وأنه نعمة كبيرة، وأنه مصدر لحياتكم، كما كان مصدر حياتنا ونور حضارتنا القديمة التي تتغنون بها للأن !، كنا نقيم احتفالًا بموكب عظيم يتقدمه الملك وكبار رجال الدولة دليلًا منهم على العرفان بالجميل لهذا النيل العظيم، وقيمته في حياة المصريين. انزعجت سلوى من شكوى حابي، وقالت له لديك حق، فنحن اعتدنا على النعم،  فلم نعد نحس بأهميتها، ونعرف قيمتها فقط عندما نفقدها للأسف، لك كل الحق أن تغضب، اعتذر منك بالنيابة عن أصدقائي وعن كل المصريين، وأتعهد لك أن نحافظ علي نهر النيل العظيم  ونحس بأهميتك يا راعى نيلنا  العظيم الذى اهملناه، شعرت  سلوى بحزن حابي الشديد على حضارة وتاريخ هذا النهر الخالد الذى لا نقدر أهميته الأن، وقررت أن تعد حملات توعية عن أهمية النيل، وتكتب مجلات حائط تعلقها في المدرسة، وتنشر مقالات على وسائل التواصل الاجتماعي تصف فيها حزن حابي الشديد، وتبلغ رسالته للناس أجمعين وتدعو المصريين  للحفاظ على نهر النيل العظيم هدية رب العالمين وتوصل رسالة  حابي حارس وحامي الضفتين والفرعين والشطين وحضارة وادى النيل لكل المصريين..

فرِح حابي لشعور سلوى تجاهه وتجاه النيل …ووعدت سلوى بزيارة حابي كل فترة، وتمنت عندما تعود له مجددا تجده سعيدًا ، وقررت أن تقيم له احتفالًا هي وأصدقاؤها فرحة بوفاء النيل لهم وبعظمته، فرِح حابي  … فقرر أن يساعدها لتلحق برحلتها وبأصدقائها، وبالفعل حمل سلوى ورفعها ووضعها في المركب دون أن يراه أحد.

نادت سلوى على أصدقائها ليشاهدوا حابي ولكنه اختفى، وجاءت المعلمة تربت على كتفها وتحمد الله على سلامتها، وفرح أصدقاء سلوى بعودتها وفجأة …..

استيقظت سلوى من النوم ووجدت أمها تنادى عليها …. هيا يا سلوى أستِقظي  ستفوتك الحافلة وتفوتك الرحلة ….قامت سلوى بسرعة

تنظر حولها لتجد نفسها في غرفتها وليس على المركب .. ففهمت أنها كانت تحلم حلم جميل تمنت أن يتحقق.

أسرعت سلوى وارتدت ملابسها وأسرعت إلى الشارع تنتظر الحافلة، وكلها حماس أن تذهب للنيل وترى حابي. 

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

جميع الحقوق محفوظه مجلة فرقد الإبداعية © 2022
تطوير وتصميم مسار كلاود