631
0251
0908
0233
0416
048
046
047
0الرياض_فرقد تستضيف هيئة الأدب والنشر والترجمة، سلطنة عُمان الشقيقة كضيف شرف للدورة المقبلة من معرض الرياض الدولي للكتاب 2023، والذي سيقام تحت شعار "وجهة ملهمة" خلال …
11847
05073
04982
04806
04481
0مراد ناجح عزيز*
دون أن يُعير أحدًا مِن حوله اهتمامًا، يرقُص وكأن اعتلال رُكبتيه، زال بفعل دواء سحري، فقط لمجرّد سماع الطّبيب: اختبار الحمل هذه المرّة، يكشف بلا شك عن وجود حَمل، يا لها من لحظات تُبدد وجه الغيم، طالما تعثّرت أحلامه أن ترى النّور يومًا.
ظل يستجدي الأيام مرورها، يُغالبه شوق احتضان وليده، كلّما نظر إلى بطن زوجته منتفخًا وقد تدلّى حتى كاد أن يُلامس فخذيها، تئن من حَمله زاحفة تكاد ألا ترفع قدميها، تتصاعد أنفاسها كلّما حاولت القيام بعمل، تتصبب عرقًا، تلهث حتى ترتقي سُلم المنزل صعودًا أو هبوطًا، في حين لا تتعدّى درجاته الخمس درجات، غير أنه لم يكُف طوال فترة الحمل مُداعبة لها، كلّما استراح إلى جوارها ليلًا، واضَعًا أذنيه على استدارة بطنها، كمن ينصت السّمع إلى أغنية في صفاء ليلة قمريّة، خلت به بعيدًا في عالم آخر، يكاد لشدّة الشّوق أن يستنطقه مازحًا بكلمات:
(رد عليّه يا واد، أنت سامعني؟).
لعلّها كانت ساعة استجابة بعد طول انتظار، طالما استتر بعيدًا عن وجه الأضواء، يُصافح دوّامة يومه كمدًا بلا أمل، منكسرًا استجدى ربه أن يُرزقه ولدًا، وقد كان..
وكأنها الأفراح أبت ألا يُطالع وجهُها إلّا قليلًا، يكاد ألا يلتفت يمينًا إلا ويُباغته حُزن أو يسارًا إلا تمطره الأيّام بوخزات ألم، أثقلته السنوات يَحمل على كتفيه من قطوف القهر أجولة، فها هو يدفعُه بيدين حانيتين، تخاله رغم طفولته شيخًا، اعتل جسده، وهَنت قدميه أن تحمله، ليظل أسير كرسي متحرّك.
تابعتُ تصفّح الجريدة، بعيدًا عن مُتابعة حركة المارة، إلا أن زوجتي كان يبهرها ويجعلها أكثر انتباهًا، استكشاف ما يطفو على السّطح من فوّهة الممرّات المتداخلة في القاع، فربّما هي فُرصة لمعاينة بعض قصّات الشّعر وبعض أنواع الملابس، في حين انهمك هو يُطالع في شغف، تتابُع حركة الأطفال بأقدام تجري وأحذية تُضيء، يحملون حقائبهم، طالما جال بخاطره هويّة ما بداخلها من كُتب وأقلام ملوّنة، برفق مالت على كتفي هامسة، لاعتقادها بأن ما سوف تقوله، ربّما تسبّب بانزعاجي، إذ أصبحت لديَّ فوبيا انتظار، تُطاردني أينما حللت، أتنفس بصعوبة بالغة، تتصاعد ضربات القلب، فألمح بالأمس وجه انتظاره، شاخِصًا ينظر بعينين جاحِظتين، يسيل لُعابه دِماء بين فكّيه، يُرافقني الطّريق، يُشاطرني غُرفة نومي، فِراشي، أحلامي، طويت صفحات الجريدة في يدي، التفتُّ نحوها، ظننتها قد تُشير إلى أحد نعرفه، إلا أنها قالت: أخبرك بأن القطار قد يتأخر عن موعِده ساعة أخرى، هذا ما أخبرنا به صوت مسئول المحطّة، مبتسمًا، قاطعت استرسالها في الحديث: لم يعُد في القلب مُتّسع لمزيد من الأخبار السّيّئة، هذا أمر بسيط.
*كاتب من مصر
التعليقات