مقالات مشابهة

الأكثر مشاهدة

محمد العميسي* في السيرة النبوية ما يمكن أن يكون أنموذجًا ملهمًا للتائهين. أحيانا …

في السيرة النبوية

منذ سنة واحدة

271

0

محمد العميسي*

في السيرة النبوية ما يمكن أن يكون أنموذجًا ملهمًا للتائهين.

أحياناً أشعر بالتيه والضياع فأهرب إلى شيءٍ ينقذني من هذا الشعور ويواسيني، ويُقدّم لي اعتذارًا عمّا سرقته منّي الحياة ذات أنانية وأثرة. لا أخفيكم علمًا، حينما تطوحُ بي الأيام إلى مكان لا أرغبه ولا أستعذبه، ويتصل بي شعور مزعج كالكآبة اللحظية، والحزن الطارئ، والوجوم والانقباض؛ أذهب إلى اعتساف تجاربَ تساعدني على التشافي من هذا البؤس والتشاؤم والعبث، تجارب تعود بي إلى الأصل الذي تكمن فيه المشاعرُ الطيبةُ كالابتهاجِ والرضا والوَفرة والامتنان، استعنت بمخزوني الفكري؛ علّني أجد في القراءات الكثيرة الخلاص والانعتاق، فرجعت بالخيبة والحسرة.
تذكرت أنّني قبل سنة من الآن اتصلَ بي شعور مماثل وكنت هربت منه إلى الكتب، فساعدتني، أي الكتب، على طرد الشعور والتحرر منه، وقدّمت لي العزاء وأضاءت زوايا روحي، أنهيت الكتاب هانئ القلب ومنشرح الفؤاد.
استبد بي شعور مماثل -قبل أسبوع من كتابة هذه المقالة- للشعور الّذي راودني قبل فترة، وهربت مباشرةً إلى القراءة، تفقدت قراءاتي لهذا الشهر، فوجدت دورَ السيرةِ النبويةِ في القائمة، مباشرةً اخترت كتاب الرحيق المختوم لصفي الدين المباركفوري.
من خلال التأمّل العميق لتلك الأحداث الّتي عاشها سيدنا محمد عليه أفضل الصلاة والسلام في حياته من الميلاد وحتّى الوفاة؛ تجد مواساتك وعزاءك، تجد في شخصيته ما يمكن أن يكون نموذجًا ملهمًا للتائهين.
في أوطاننا الحزينة بفعل الحرب بدأ أكثرنا يشعر بالضياع، ويفقد البوصلة الّتي ترشده للطريق الصحيح…
يمكن للسيرة النبوية في هذه الظروف العقيمة، والأفق المسدود، والواقع العصيّ على الابتلاع، أن تكونَ البوصلة؛ لأنها تسمح للقلوب أن تفكر ولو قليلًا بشيء من عظمة الفقير اليتيم الأميّ الّذي لو ترك نفسَه للظروف لما فعل شيئًا، وأظن هذا النموذج في الجانب البشري منه مُلهمًا.
الحياة ليست عادلة في أكثر تفاصيلها ومناحيها، وتؤخذ غلابًا كما قال أحمد شوقي، بالتالي لن تنال فيها أبسطَ ما تريده أو تؤمله دون أن تبذل جهودًاًَ كبيرة، ومدروسة، ومُرتبّة وفق منهجية معينة، ربما تُؤخَذ منك أشياءٌ كثيرةٌ، واحتراقاتٌ وافرة.
بهذا المعنى تكون المعاناة هي نقطة التحوّل والنقطة الفارقة بين حياتين، حياة تبذِل في سبيل الحصول عليها أعزَ أشيائك، وحياة ترغب بالخروج منها لو بذلت ما بذلت وأعطيت ما أعطيت، ولن تكون لك الحياة السعيدة والطيبة، ما لم تسع وتحترق وتمض دون أن تلتفت للمعوقات الّتي تواجهك. اشحن روحك بالأمل والعزيمة والإصرار واستمد الإلهام في رحلة الحياة الشاقة من اليتيم الأمي، الّذي كان الجانب البشرّي منه مُلهمًا.

*كاتب يمني

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

جميع الحقوق محفوظه مجلة فرقد الإبداعية © 2022
تطوير وتصميم مسار كلاود