416
0570
0445
0442
0526
051
0300
1165
035
046
0الرياض_فرقد تستضيف هيئة الأدب والنشر والترجمة، سلطنة عُمان الشقيقة كضيف شرف للدورة المقبلة من معرض الرياض الدولي للكتاب 2023، والذي سيقام تحت شعار "وجهة ملهمة" خلال …
11992
09701
09183
07407
56957
0أسامة سجيع إبراهيم*
انتشلوا آخر جثّة من أفراد عائلته… وقف وحيدًا محطمًا كلوحٍ من الزجاج تناثر أمام القذيفة نفسها التي اخترقت سقف منزلهم!
وقفَ الناجي الوحيدُ وحيدًا وقد تملكه جمودُ التماثيل لينهار السدُّ بعدها ويندفعُ سيلُ المشاعر جارفاً ركام الذكريات وبقايا حياةٍ بسيطة.
انهار حاضرهُ ومستقبلهُ ليستحوذَ الماضي على كيانه جميعًا. بكى بتفجعٍ، صرخَ بأعلى صوته، نادى على أفرادِ عائلته فردًا فردًا، ناشدَ الناس، تضرّع إلى الله، لطمَ وجههُ، ضربَ رأسهُ، شقّ قميصهم متفجعًا.
وخزت أعصابهُ الذكريات جميلها وقبيحها… لكم تمنى أن تعود ليشبع من محاسنها حدّ التخمة ويصحح من قبيحها حتى تكلّ يداه. اشتعلَ كيانه شوقًا إلى لمسةٍ من والدته، ونظرةٍ من والده، ومزحةٍ من أشقائه، وتربيتةٍ من شقيقاته. انهارت عائلته بقدّها وقديدها، ونجا وحده، بل تركوه ونجوا!
بكى إلى أن فرغ قلبه وتملّكه الفراغ، فلم يبقَ في عينيه دمعٌ ولا في حنجرته صوت! تقدّم منه رجلٌ أربعيني صلدَ الملامح والساعدين، وقال بصوتٍ أجشٍّ حزين:
– مصابك أليمٌ ورهيبْ، لكن على الرجال التماسك!
– التماسك؟
سأل ببلاهة ساخرةٍ دامية.
– وهل نملك غير ذلك؟
أجابه بصوتٍ متلاشٍ:
– الكلام سهل!
أحاط وجهه بيد قاسية سميكة وقال بأقلّ نبراته خشونة:
– سيحجّرك تراكم المصائب قريبًا! قبل عشرينَ عامٍ، قلتُ الجملة نفسَها في الموقف نفسِهِ أمام منزلٍ مختلف!
في اليوم التالي، أخذت مذيعةٌ مغناج تتلو الأخبار الفنيّة بمرحٍ، في حين مرَّ على الشريط الإخباري أسفل الشاشة خبر مقتضبٌ:
“في آخر يوم للحرب، استشهاد عائلة بأكملها في قصفٍ جوّي طال منزلهم”.
بقي الخبرُ يومًا أو بعض يوم ليحلَّ محلّه خبر مماثل ظهر أسفلَ برنامج الطبخ!
*كاتب من سوريا
التعليقات