سليم السوطاني *

تنفصل الورقة عن الشجرة، وتنفصل الأنثى عن عائلتها الأولى عندما تكبر، وترحل لتكوّن عائلة خاصة بها، كذلك ينطبق الأمر على الذكر.. يحدث الانفصال في شتى فصول الحياة، وعلى الأنواع والأجناس كافة.
تحدث هزة عنيفة في المشاعر عند كل حادثة انفصال أولية في حياة الكائنات.. وهذا الأمر يعد من طبيعة الحياة وصيرورة أهلها.

يبدأ تاريخ الانفصال عند الإنسان منذ أن يودع الظلام ويخرج من بطن أمه، ويُقذف به إلى النور، وتستقبله حياة رحبة، وتعد هذه المرحلة هي الغائبة عن ذاكرته ولا يتذكرها، فهو ما زال في طور بدايات التكوين.

تعد الحياة عبارة عن مراحل تعيشها الكائنات منذ بداية تكوينها حتى نهايتها.. لكل مرحلة طبيعة تختص بها، وتتميز بها عن غيرها.. يذهب المرء إليها -غالبًا- طواعية دون إكراه، فهو اعتاد أمر الانتقال من مرحلة إلى مرحلة.. قد يؤخر الكائن أمر الانتقال، أو يؤجله، وهذا شيء طبيعي، فقد يدفعه الخوف، أو عاطفة ما إلى البقاء، أو شدة الانتماء إلى المرحلة التي يعيشها ويصر على التمسك بها، وقد يندم على ذلك الوقوف في وجه الانفصال، وقد يكون هذا التأجيل من باب خيرة لمصير حياته.

تسود مشاعر التردد والحزن عند عملية الانفصال، مهما كان الفرح طاغيًا على القلب بالانتقال إلى المرحلة التالية، فالانفصال وما يخلفه من حزن يلقي بظلاله على المشاعر في البدايات.

يجري تيار الانفصال على نحو جارف ولن ينجو منه أحد.. ويحدث الانفصال وتتوسع حيوات الأشخاص؛ نتيجة هذا الأمر مهما كانت المعارضة له في بداية الأمر.
علينا أن نتقبل ونتفهم أي أمر تفرضه صيرورة الحياة علينا برضا وقناعة، فهو الأكثر راحة للنفس وتقويتها على الاستمرار دون انكسار، وتجاوز عقبات الحياة الكثيرة.

*كاتب سعودي