الأكثر مشاهدة

سلوى الأنصاري ما بين ظهور محدودبة، وشعر غزاه الشيب، ما زالت أصداء الكثير من الحك …

“الدندورمة” آيس كريم الغلابة

سلوى الأنصاري

ما بين ظهور محدودبة، وشعر غزاه الشيب، ما زالت أصداء الكثير من الحكايا ترتفع في الأذهان وتلهو سويًا تحت زخات الذكريات، وكأنها مجموعة من الأطفال يلعبون تحت المطر بداية فصل الشتاء.

جميلة تلك الحكايا، والأجمل من ذلك عندما تحكيها ألسنة الأوفياء، الذين عاشوها بجميع أشكالها وألوانها وما حوت من تفاصيل  دقيقة تعبث في داخلهم لترسم البسمة على شفاههم.

ها هي العمة مريم، بوجه حانٍ رقيق تشوبه السمرة، حفرت به السنين أخاديد لم تستطيع أن تخفي جمالها، وبشعر فضي لامع يُرى لمعانه من خلف ثقوب شال خفيف كانت ترتديه، وبداخل فمها يسكن سن ذهبي، وعلى أنفها الدقيق زمام كبير مرصع بالخرز الأزرق.

كانت تصنع الدندورمة من يدها الحانية، التي لطالما ربتت على أيتام الحي وفقرائه، وكانت تعدهم مثل ابنها الحسين.

في أحياء مكة الشعبية، وفي الخنساء بالذات، كانت العمة حفصة تصنع الدندورمة لأطفال الحي، وبين أزقة ذلك  الحي القديم كان يجري الأطفال ذهابًا وإيابًا، صباحًا ومساء إلى بيتها؛ ليشتروا منها تلك الأكياس ذات الألوان الزاهية، فمنهم من يفضلها بالحليب، ومنهم من يرى أن التوت أجمل، ومنهم من كان يهيم بطعم الحُمر (التمر الهندي)، كانت تصنعه لهم بكل حب حتى ذاع صيتها بين الأحياء المجاورة، كانت صناعة الدندورمة مهنة امتهنتها العمة مريم وغيرها إلى أن غيبها المنون. 

تعد صناعة الدندورمة (أو الآيس كريم أو التماتيك كما يطلق عليه أهل المدينة المنورة) من المهن التي امتهنها  الرجال والنساء على حد سواء في الحجاز، فكان الرجال غالبًا ما يقفون خلف عربات خشبية مزركشة في حر الظهيرة ينتظرون الأطفال ليشتروا منهم ما يصنعوه بألوان مختلفة تبهر الصغار وتجبرهم على الشراء منهم، وهم يطلقون صيحات وأهازيج جميلة لجذبهم اليهم، أما  النساء فقد اكتفوا ببيعه من منازلهم على أبناء الحي.

ويتم صناعته من بعض العصائر الطبيعية، والسكر، ويهيمن الثلج عليها، ويمكن كذلك إضافة الحليب إليها، وتصنع يدويً.

 لم تندثر هذه المهنة ولكنها تطورت وأصبحت تصنع بالآلات الكهربائية.

الفنانة عائشة العامودي

التعليقات

  1. يقول اريج الحشبري:

    جميله جدا استاذه سلوى رجعتينا بذاكرتنا الى ايام جميله حفرت في الذاكره من اروع ايام حياتنا في بساطتها وجمالها

  2. يقول نوره:

    سرد جميل وحكايه حلوه ذهبت بنا حروفك الجميله بالخيال الى ذلك الزمن القديم والاولاد والجدات الله ما اجمله من زمان

  3. يقول نجوى العولقي:

    كالمعتاد دائماً عذب الكلام وجمال المعنى
    سلمت أ. سلوى 🌹

    1. يقول إيناس خليل:

      قصة اخذتنا الي حنين نشتاقه ولا ننساه

  4. يقول منال الصاعدي:

    الله الزمن الجميل الصراحه. سردك للقصه ابداع قمه في الروعه فعلاً عيشتينا هذا الزمن مبدعه جميل رائع استاذه سلوى 🌸🌸

    منال الصاعدي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

جميع الحقوق محفوظه مجلة فرقد الإبداعية © 2022
تطوير وتصميم مسار كلاود