110
0404
2411
0312
0381
029
020
0الرياض_فرقد تستضيف هيئة الأدب والنشر والترجمة، سلطنة عُمان الشقيقة كضيف شرف للدورة المقبلة من معرض الرياض الدولي للكتاب 2023، والذي سيقام تحت شعار "وجهة ملهمة" خلال …
11846
05024
04937
04798
04449
17
شاهيناز العقباوي*
وضع لنفسه طريقًا مختلفًا ورسم خريطة نجاح ظل التاريخ يسطرها لسنوات طوال، تمنى أن تمتد حدود دولته لتصل الشرق بالغرب وتجمع بين الشمال والجنوب، قاد الجيوش ورفع راية التوحيد فأصبح النصر حليفه، وأنشأ نموذجًا اقتصاديًا، تميز بالعدل والرؤية المالية المختلفة للحفاظ على رعيته.
حرصه على نشر الإسلام واهتمامه بحماية قواعده، دفع المؤرخين إلى وصفه “بالإمام الغيور على دينه“.
وضع رعاية بيت الله الحرام على قائمة أولوياته، وأهتم بأن تكون مدينة رسول الله “صلى الله عليهوسلم” في أفضل حالاتها، أسس قواعد الاستقرار وبنى طرقًا تجارية آمنة، عقد العديد من المعاهدات والاتفاقيات التي تخدم خططه المستقبلية، ليصبح هو المؤسس الأول لأهم وأكبر دولة عربية.
هو الأمير محمد بن سعود بن محمد بن مقرن بن مرخان بن إبراهيم بن موسى بن ربيعة بن مانع بن ربيعة المريدي، والمردة من حنيفة من بكر بن وائل ولد في 1090 وتوفي عام 1179 هجرية.
هو إمام ومؤسس الدولة السعودية الأولى كما وصفه المؤرخون، والحاكم الثاني من أسرة آل سعود، وأمير إمارة الدرعية الخامس عشر بعد الأمير زيد بن مرخان بن وطبا. تولى الإمارة بعد وفاة أبيه الأمير سعود الأول، والذي تزامنت مع ظهور الشيخ محمد بن عبد الوهاب التميمي الذي اشتهر بكونه من أكبر الدعاة إلى دين الله. (1) قدم له الأمير يد المساعدة والدعم وسانده في نشر دعوته، لتكون الإمارة هي مركز انتشار رسالته الدينية والمستقبلية، تعاون الإمام والشيخ واتفقا على إقامة دولة تقيم شرع الله بعد ميثاق الدرعية الذي أبرمه الأمير.
ترجع تسميتهم بآل مقرن لأن الأسرة السعودية قبل تسميها بهذا الاسم كانت تدعى آل مقرن نسبة إلى مقرن بن مرخان، جد مؤسس الدولة السعودية الأولى محمد بن سعود، ولم يتسموا بآل سعود إلا في عهد سعود بن محمد بن مقرن والد مؤسس الدولة الأولى (2) وأصبح سعود هو لقبه الأول الذي عرف به عبر التاريخ.
اهتم الأمير بتأمين إمارته الأولىً ومركز دولته، فبدأ ببناء سور للدرعية لحمايتها من الهجمات الخارجية التي تهددها وتعوق مسيرته، استمر نضاله لتحقيق أهدافه التوسعية فأقام ترسانة للجيش وتولى قيادته في كافة الحروب التي خاضها ما بين عامي 1159هـ – 1162هـ ومع انشغاله بإدارة شؤونها، وبعد أن حقق هدفهالرئيسي في توسع رقعة الدولة السعودية الأولى عهد إلى ابنه عبد العزيز بقيادة الجيش واستكمال مسيرته ليبدأ هو في وضع اسس البنية التحتية وقواعد قيام دولته الأم (3).
استطاع الأمير أن يضع الكثير من المعايير التي زادت من قوته السياسية والاقتصادية والاجتماعية، حيث كان ينتهج طريقة مختلفة فيما يخص سياسته المالية، والتزم بتنفيذ قاعدة ثابتة في دولته، أنه إذا وقع دين على الدولة أعلن للعامة حاجة بيت المال؛ فيسارع من لديه الرغبة في إمداده بالدعم عن طيب نفس، هذا فضلا عن حرصه على وضع العديد من المعايير المتعلقة بتوزيع الخراج، كل هذه الأسس التي أهتم بأن تكون راسخه خلال وضعه قواعد دولته الأولى، جعلت إمارة الدرعية تتبوأ مركزًا اقتصاديًا وتجاريًا هامًا في عهده. (4)
لحبه الشديد بنشر الدعوة الإسلامية وحفاظه على الشرائع الدينية ورغبته في نشر الدين الإسلامي ودعمه لكل ما يخص مبادئه، وصفه المؤرخون بالإمام التقي الغيور على تطبيق شرع الله والأمير الشجاع الكريم الموفي بالعهود.
ينسب للأمير بأنه صاحب الفضل في تأسيس الدولـة السعوديـة الأولـى حيث بدأ بجمع شطري الدرعية وجعلها تحت حكم واحد، وسعى إلى ضـم البلــدان المجاورة إليه وحافظ على بناء أواصرالصداقة والتعاون بين زعمائها.
أدرك منذ بداية خطواته الأولى أنه في طريق بناء دولته القوية لابد أن يعتمد على خططه وأهدافه التي وضعها لذا استقـل سياسيًا وحرص على الاستقرار إقليميًا ولم يحمل أي ولاء لأي قوة خارجية وهو ما ساهم في أن يكون له توجه مختلف ورؤية متفردة توضع في ميزان صفاته(5).
لم يترك أي مجال لدعم شرع الله والحفاظ على قدسية المسجد الحرام والنبوي لذا أهتم بحماية طـرق الحـج وسعى إلى دعم التـجارة ونعمـت نـجد في عهـده بالأمان وازدهرت اقتصاديًا. عمـل على نـشـر الاستقرار في الدولة التي شهدت في عهـده ازدهارًا كبيـرًا شمل كافة الأصعدة وعلى مختلف المستويات، نجح في التـصدي بشجاعة وقوة للحمـلات المعادية التي أرادت القضاء على الدولـة الوليدة التي سرعان ما أثبتت قوتها وصمودها.
حرص على الاهتمام بالأمور الداخليـة وتقويـة مجـتمـع دولته وتوحيـده رغم انشغاله بالتوسعات الخارجية، و تميزت علاقاته مع جيرانه بحسن التعامل والتعاون وتقديم يد الدعم والمساعدة لهم.
مرت المملكة العربية السعودية الحالية قبل إنشاءها بثلاث مراحل وهي الدولة السعودية الأولى، والثانية، والثالثة، أسست الدولة الأولى في شبه الجزيرة العربية بعد اتفاق أبرم بين الأمير والشيخ تم على أثره توحيد الأنظمة السياسية لحكم ملكي، اتخذ من الدرعية عاصمة لها، وأصبحت في عهده ذات مركز قوي جعلها مميزة في المنطقة، وتمكن أئمة الدولة من توحيد معظم مناطق شبه الجزيرة ونقلها إلى عصر جديد من انتشار الأمن، وتطبيق الشريعة الإسلامية في نواحي الحياة كافة، ونتيجة لقيام الدولة بتزكية رجال العلم والدين ظهر الكثير من العلماء وازدهرت المعارف والنواحي العلمية والاقتصادية، وأنشئت العديد من المؤسسات والنظم الإدارية المستندة إلى الشريعة، وبمرور الوقت أصبحت الدولة السعودية الأولى تتمتع بمكانة سياسية عظيمة نتيجة لقوتها ومبادئها الإسلامية، واتساع رقعتها الجغرافية، وسياسة حكامها المتزنة والمعتمدة على نصرة الدين، وخدمة المجتمع والرقي بمستواه الحضاري. (6)
تمكنت السعودية في عهد مؤسسها الإمام محمد من مد نفوذها إلى خارج الدرعية لتشمل معظم مناطق نجد وبهذا التوسع تكونت نواة قوية لامتداد أوسع وتأسيس دولة مركزية، حرصت على نشر دعوته الإصلاحية. وفي عهده وصلت سيطرة الدولة إلى الرياض وجميع بلدان الخرج ووادي الدواسر في الجنوب.
وفي الشمال عبر إلى القصيم ودومة الجندل بالجوف ووادي السرحان وتيماء وخيبر.
وفي الشرق تمكن من السيطرة على الأحساء وقطر والبريمي. وحتى أنه وصل إلى البحرين وعمان عن طريق ولاء قبائل المنطقة ودفعها الزكاة.
وفي الغرب ضم شرقي الحجاز والطائف والخرمة وتربة وما حولها. وفي الجنوب الغربي تخطى نفوذه بيشة والليث وجازان. (7)
شهد الإمام الكثير من الحملات والجهود العسكرية والسلمية لتوسيع نفوذ دولته ونشر الأمن والاستقرار في أنحائها، كما اتسم عهده بالعديد من النشاطات العلمية والثقافية والحضارية والدينية والاجتماعية والاقتصادية فازدهرت العلوم وانتعشت النواحي التجارية الداخلية والخارجية، وأدت انتصاراته والتي تواكبت مع انضمام العديد من المناطق والقبائل تحت حكمه إلى تحرك بعض القوى المجاورة لمواجهة الدولة السعودية، ومحاولة الحد من اتساع نفوذها، لكن ذلك لم يؤثر على خططه المستقبلية التي وضعها.
أولى الإمام سعود الحرمين الشريفين اهتمامًا خاصًا ووضع الارتقاء بهما على رأس أولوياته وحرص على رعايتهما، ذلك عندما تمكن من مد نفوذ دولته إلى مكة المكرمة والمدينة المنورة في عام 1220هـ (1805م).
وحرص خلال السنوات التالية على أداء الحج وخدمة الحرمين الشريفين، وتنظيم شؤونهما، وتأمين طرق الحج وحماية الحجاج وتدبير شؤونهم فساهم ذلك في رفع اسمه عاليًا وتزكية سيرته العطرة.
توفي الامام سعود بن عبد العزيز عام 1229هـ – 1814م عن عمر يناهز ال 68عامًا (8)، بعد مسيرة طويلة من الكفاح والبناء والدعم لهدفه وفكرته الرئيسية حتى وصلت الدولة السعودية الأولى في عهده إلى أقصى أتساعها وقوتها، فاستحق لقب “سعود الكبير” عن جدارة، وإجبار كتاب التاريخ على تخليد ذكره ليصبح هو المؤسس الأول والأهم لدولة كانت ولازالت هي الأعظم والأكبر بتاريخها العريق ومستقبلها المنير.
_________________________
التعليقات