مباركة الزبيدي*

إلى فترة قريبة مضت كان السؤال الذي يطرح للأطفال من مختلف فئاتهم العمرية عند اللقاء بأحدهم في اجتماع عائلي، أو في مناسبة ما، ماذا تتمنى أن تصبح عندما تكبر ؟ فيكون الرد طبيب وبعضهم يحدد التخصص الطبي أيضا بكل براءة كأن يقول: طبيب أسنان، أو طبيبة أطفال، أو معلم، أو مهندس أو طيار …. إلخ)؛
وفي أيامنا هذه على الرغم من أن المهن هي المهن رغم استحداث مهن أخرى معها، والأطفال هم الأطفال بمراحل أعمارهم والتكوين الجسدي والذهني لكل منهم، إلا أننا قد نجد أن رد العديد منهم عندما يوجه السؤال ذاته لهم ماذا تتمنى أن تصبح عندما تكبر؟ ربما يختلف، لا باختيار مهنة من المهن الجديدة، أو المستحدثة، وإنما يقول: أريد أن أصبح مشهورا ! .
إن ما يحيط بالكبار قبل الصغار من تقنيات وأجهزة ذكية ووسائل اتصال متعددة ، وما يصلون إليه من مواقع التواصل من خلالها، و التي لم يعد مستخدموها محصورا تواجدهم على عدد محدود منها دورا في ذلك، حتى في البيئة المحيطة بهم فكيف لا يحدث هذا تغييرًا ؟!، وما بالنا بالصغار الذين هم الأكثر تأثرًا بما يشاهدون عبر تلك المواقع؟!
إن التغيير والتغير من الأمور الحتمية المسلم بها شئنا أم أبينا، لكن ما يجب أن يلتفت إليه أن يكون التغير نحو أفق إيجابي يؤتي ثماره، لا أن يتسم بالسلبية.
نعم، لنتقبل كل طفل يجيب بأنه يريد أن يصبح مشهورًا بالإعجاب والثناء والدعم والتشجيع لا أن ننهاه عن التفكير بذلك ونعنفه، لأنه قام بالرد بكل براءة بما يحب أن يكون بناءً على ما أعجبه من ذلك المشهور سواء كان ذكرًا أو أنثى ولنأخذ من هذا الأمر الجانب الإيجابي، الذي بإمكاننا دعم الطفل من خلاله لكي يكون لصالحه إلى حين وصوله للمرحلة التي يستطيع فيها تحديد توجهه في المستقبل مستغلين الشهرة لذلك أو تلك بأن نقول: بإمكانك أن تحقق أمنيتك بأن تكون طبيبًا مشهورًا، أو إعلاميًا، أو رجل أو سيدة أعمال، أو أي مهنة ويتم ربطها بأمر الشهرة، ومن ثم يستغل الأمر بتوجيههم لما يجب أن يشاهدوه في مواقع التواصل ومالا ينبغي مشاهدته، وبذلك نحافظ على لذة وبراءة تلك الردود التي تأتينا من الصغار، والتي تذكرنا بطفولتنا، وأمنيات الطفولة وأيامها الجميلة رغم تغير صيغة الإجابة وفقًا لما أصبحنا نعيشه من تقدم وتطور.

*كاتبة ومختصة في علم الاجتماع
-مهتمة إبداعات الطفولة_ السعودية

@MZobaidi