محمد الموسوي*

إن اللغة هي المقياس الحقيقي الأول في النص الأدبي عامة، حيث لا يهمنا أولًا ماذا نقول، بل يهمنا كيف تقول، من خلال اختيار الألفاظ ذات الإيقاع، والتكرار غير الممل، واستخدام ما يسعف الكاتب من سجع وجناس وطباق وازدواج النص الأدبي؛ فضلًا عن بناء الجمل المعبرة التي تشكل بعدًا تصويريًا يجعل النص محببًا لدى الطفل.
وهناك من لديه الحدس الفكري من الكتاب والرواة والمحدثين الموهوبين في جميع بقاع العالم، فأدرك هذه الحقيقة وعرف الطريق إليها؛ ومن ثم اغتنت حياة الأطفال عبر التاريخ بالكنوز الأدبية، وأثرت بالقصص والأغاني، وامتلأت بالحكايات والقصص المتنوعة والأساطير التي أسهمت بشكل فعال في خلقها أجيال البشرية؛ لذا فإن المسرح المدرسي وسيلة تعليمية للغة العربية، فهو يحقق أهداف اللغة العربية، وهو خطوة من خطوات درس القراءة للتلاميذ الصغار، وهو خطوة من خطوات تدريس القصة.
فاللغة العربية ظلت إلى عهد قريب لغة المثقفين فيها وفي آدابها، ولم تكن لغة الناشئين من أطفال المدارس، فتعليم الأطفال ينبغي أن يبدأ بالمحادثة، وحكاية القصص، وإنشاد الأناشيد؛ فضلًا عن القراءة والكتابة والقواعد النحوية التي يجب أن تُعلم من خلال النصوص الجميلة. ولا يختلف أدب الأطفال عن أدب الكبار سوى في تبسيط النصوص المكتوبة لاكتمال الصورة لدى الطفل، فالأدب في كلتا الحالتين تعبير فني هادف للارتقاء بالمجتمع خشية الوقوع في ضيق الأفق وقصر النظر، والطفل قبل دخوله المدرسة يستمع بشغف إلى القصة الجميلة تسردها له أمه أو جدته؛ لذا يطرب لأغنية تغنيها أمه، أو يشاهدها عبر التلفاز، وهو في سنواته الأولى ينشد للموسيقى، ويطرب لنغم الشعر وإيقاعه ويتمايل معه ويردده جريًا على سجيته من غير تكلف، ويشعر بالسعادة والاسترخاء ويسلم نفسه للنعاس، بينما تحكي له أمه الحكاية أو تقص عليه قصة قبل الخلود إلى النوم، وهذه الأمثلة تدل على أن الطفل يستجيب للأدب ويحس بجمال المفردة قبل دخوله إلى المدرسة.

*كاتب_من العراق