الأكثر مشاهدة

⁠- الأندية الأدبية تصفعها اليوم نبرات عقوق من بعض نفر – اختفت الرموز، وتقا …

السلمي: المقاهي، طريق ثقافي فرعي ظاهره إغراء وباطنه خواء

منذ 4 أشهر

389

0


⁠- الأندية الأدبية تصفعها اليوم نبرات عقوق من بعض نفر

– اختفت الرموز، وتقافزت (الروابض)!

⁠- المقاهي الثقافية.. طريق ثقافي فرعي

⁠- يتساوى الزيات نثرًا مع شوقي شعرًا 

⁠- الشعر الشعبي أصبح متنًا والفصيح بدأ يتوارى 

حوار_هناء الحويصي

عالِم اللغة، صاحب الفكر النفَّاذ والبيان الأخَّاذ، الأديب الدكتور/ عبدالله ابن عويقل السلمي، رئيس روضة الأدب والثقافة (نادي جدة الأدبي) بروفيسور في النحو والصرف، مشرف وعضو وأستاذ تعليم اللغة العربية في كثير من الدول خارج المملكة العربية السعودية، مُعد ومقدم لأكثر من برنامج (أحاديث المساء – أحاديث للشباب – رمضان في الشعر العربي…)، كان قلمه ينبوع إبداع لا ينضب في (عكاظ المدينة).

حللت أهلًا في فرقدنا

* أعطاني سِفْرًا ما زلت أقرأه على مكث!

– “من لا يغير مكانه لن يعرف في حياته، مهما طالت، إلا القليل الذي يمكن أن يدهشه”  ترحلت كثيرًا منذ بداية مشوارك الأكاديمي، ماذا أخذ منك هذا الترحال وماذا أعطاك؟

صرختي الأولى كانت في (الرهميّة) ثم غادرتها في السادسة من عمري، ولم تغادرني حتى اليوم، عملتُ في أكثر من 40 بلدًا… أمّا ماذا أخذ مني الترحال وماذا أعطاني؟ أخذ مني (أنا) زمنًا، وصحة وأعطاني سِفْرًا ما زلتُ أقرأه على مكث!

* إنَّ الثقافة أضحتْ رداءً معلّقًا

– ذكرت في برنامج (صنوان) أن رئاسة نادي جدة الأدبي جعلتك مطلعًا على المشهد الثقافي، ما أبرز المتغيرات التي حدثت في المشهد الثقافي؟

المشهد الثقافي نهر متدفق، يتغير وفق جملة من المعطيات الحضارية، أما أبرز ما ألحظه فهو “أنّ الثقافة أضحتْ رداء معلّقًا أمام ناصية متجر (حانوت) يلمسه أو يلبسه كل المارّة!” باختصار: اختفت الرموز، وتقافزت (الروابض)!

* ما يؤخذ على الأندية مجرّد غبش.

– الأندية الأدبية موجودة منذ أكثر من ٥٠ عامًا، كان يؤخذ عليها أنها ليست قريبة بالشكل الكافي للمجتمع، هل ساهمت المقاهي الثقافية في حل تلك المشكلة، وما رأيك في مبادرة الشريك الأدبي؟

ما يؤخذ على الأندية مجرّد غبش أصاب أعين حانقين، وألفوا مَنْ صدّق هذا الانطباع، فارتفع عواء السباع! أما المقاهي الثقافية، فهي طريق ثقافي فرعي، ظاهره الجذبُ والإغراء والإرواء، وباطنه الفقدُ والإغواء والخواء!

* لا تفاضل بين أجناس الإبداع، إلا بما فيها من إمتاع وإيقاع.

– يقول ابن الأثير: “العرب الذين هم أصل الفصاحة جل كلامهم شعر، ولا نجد الكلام المنثور في كلامهم إلا يسيرًا”، بين أفضلية الشعر والنثر، ما رأي ابن عويقل؟

ابن عويقل يكون حيث الحرف النقي، والمفردة العذبة، والمضمون السامى،  لا تفاضل بين أجناس الإبداع إلا بما فيها من إمتاع وإيقاع، يتساوى الزيات -نثرًا- مع شوقي -شعرًا- ويجذبني (الإمتاع والمؤانسة) و(رسالة الغفران) كما يطربني الجواهري والبردّوني.

* الشعبي ما زال غائبًا أكاديميًّا

– “لم يكن الشعر الشعبي هامشيًّا بل كان وما زال وسيظل متنًا في موروثنا..”، لماذا تشهد الساحة الثقافية حالة من التجاهل والتقليل من الشعر الشعبي؟

ليس الأمر كذلك، فالشعر الشعبي أصبح متنًا، والفصيح بدأ يتوارى، نعم الشعبي ما زال غائبًا أكاديميًّا، لكنّه أكثر حضورًا مجتمعيًّا وإعلاميًّا، وفي كلّ الأحوال: الفصيح يدوم، والشعبي زهرة على ساقها، تموت بموت غارسها؛ لأنه لا يقبل الكتابة!

* أصعب خطوة يعملها الإنسان هي تأليف كتاب

– في برنامج (نافذة رمضانية) كنت تسرد القصص والعبر، حدثنا عنه وهل تفكر في إنتاج مؤلف أدبي قريبًا؟

ذاك برنامج له ظروفه وزمنه، قصصت فيه مواقف، وعبر صادفتني في الحياة، أو رصدتها ذاكرتي من حكايات البدايات، وسمر الجدّات.! أما لماذا لا أُخرجها في مؤلف أدبي؟ فأرى أنّ أصعب خطوة يعملها الإنسان هي تأليف كتاب، ربما أشعر باشمئزاز حين أرى مؤلِّفا يقوم باستجداء القراء لقراءة مؤلَّفه! أعترف أنني لا أملك الشجاعة الكافية للتأليف، وإلّا فمقالات عشرين عامًا في زاويتي “مداد القلم” أولى بالجمع والإخراج.

* ففي الصباح الآتي ربما لا يحمد القوم السُّرى!

– ما رأيك في النوادي الأدبية، هل هي نوادٍ للمجاملات وتبادل المصالح كما يرى البعض؟

تلك مقولةٌ سوّقها “ناقف حنظل”، لكن دعني أريق عبرات قلمي -كما يقول المازني- إجابة عن سؤالك، فالأندية الأدبية تصفعها اليوم (صباح مساء) نبرات عقوق من بعض نفر تهيأت لهم فرصة خارج الأندية بعد أن قدّمتهم الأندية ودعمت إبداعهم طباعة ونشرًا واستضافة ومنبرًا، فبدلًا من أن يبَرّوا بها لتواصل المسير جعلوها في مرمى سهامهم، فأضحت تصارع وتدافع عن نفسها من هؤلاء الذين تمترسوا خلف أستار الشللية، فباتوا (غيرة أو غارة) يرشقونها من علياء أبراجهم بسهام أقلامهم، يتجاذبون حول مشروعية وجودها، وهل أدت دورها على مدار نصف قرن؟ وهل آن لها أن تترجل وتسلم القيادة لمنصات أخرى؟ وكلّ هؤلاء أو جلهم لم يكلفوا أنفسهم عناء الوقوف على مناشطها وظروفها ومخرجاتها ومنجزاتها، وأخالهم لو فعلوا سيجدونها سبقت إلى برامج نوعية؛ مثل ترجمة نتاج كبار النقاد إلى اللغات العالمية، وطبعت أكثر من (5224) ونفذت (76) مؤتمرًا وملتقى استضاف كبار النقاد والأدباء محليًّا وعربيًّا وعالميًّا، وفازت ست عشرة مرة بأفضل مطبوعة في معارض الكتب، وأنفقت 12 مليونًا في جوائز ضخمة على مستوى العالم العربي، كجائزة العواد والثبيتي والقصة والرواية والنقد… إلخ، ماذا تريديني أن أقول، ففي الصباح الآتي ربما لا يحمد القوم السُّرى!

* أبحث عن المكان الذي كان مختفيًا في ذاكرتي، وفي ذاكرة الزمان! 

– يقول الشاعر: عوى الذئب فاستأنستُ بالذئب إذ عوى وصوّت إنسانٌ فكدتُ أطيرُ، ماذا يعني لك هذا البيت، وما مكانة القرية عندك؟

كلما زرتُ أو ذكرت قريتي أتمتم بهذا البيت وأردفه بقول الجواهري: وحين تطوى على الحرّان جمرته فالصمت أفضل ما يُطْوى عليه فمُ! أما مكانة قريتي (المضحاة) فهي الشوق والشروق داخل النفس، هي التي تعيد الجسد إلى الروح، أزورها فأبدأ رحلة البحث عن وردة مفقودة، أبحث عن المكان الذي كان مختفيًا في ذاكرتي، وفي ذاكرة الزمان، أبحث عن الصدى، والنّدى، والحبّ! أبحث عن وطن صغير آوي إليه؛ ليعصمني من ضجيج المدنية، ربما من حسن حظي أن كل القرى تتحول إلى مدن إلا قريتي الصغيرة (الرهميّة) تحولت إلى خراب إذ لم تتلطّخ نواصيها. 

* الصحافة كانت مرحلة ثانويّة في حياتي

– كنت صحافيًّا سابقًا في المسائية وعكاظ والمدينة.. بماذا أثرت الصحافة على مسيرتك الحافلة، وما تقييمك للمشهد الصحافي حاليًا؟

لم يعد هذا المشهد متاحًا للعرض كيما أُقيّمه، الصحافة كانت مرحلة ثانويّة في حياتي، كنت أتعاطى الكتابة -هاويًا غير محترف- حين أتلقى ردود من يقرأون، أما وقد رحلت فقد غاب المشهد بكل شخوصه!

* كل واحة -بمقتضى نواميس التبدّل- لا بد أن تصوح يومًا

– ما التغيير الثقافي الذي طمحتم لإحداثه من خلال إدارتكم لنادي جدة الأدبي، وهل تحقق مرادكم؟

لا أحبذ هذا السؤال؛ لأنني أعزو كل نجاح لمن سبقني في البناء والتشييد، وقد أعلنت ذات مساء أنّني في النادي اقتات من تركة عبدالفتاح أبو مدين، وبالتسليم بمشروعيّة السؤال أحسب أنّ كل منصف لو (حفر في تجاعيد الذاكرة) -على حدّ قول مرتاض- خلال أربعة عشر عامًا لأدرك المنجز، لكن في النهاية لا بدّ أنّ نُسلّم أنّ كل واحة -بمقتضى نواميس التبدّل- لا بد أن تصوح يومًا، فيوحش القفر، وتنطفئ الومضات، ويغطش الليل، ويتجهم الواقع، وأدبي جدة ليس استثناء! على أنّ التفاؤل يجعلني أقول إنّ ثمّة قزعات بدأتْ تتشكّل ربما تشي بواكف يهطل على صحراء المؤسسات الثقافية فيعيد لها نضارتها، كما ذكرتُ في سؤال سابق، ربما يُبَعث -على فترة من المثقفين- من يؤمن بأنّ المؤسسات الثقافية (الأندية الأدبية) هي القلب النابض للحراك الثقافي في أي مجتمع، وهي الذاكرة الوطنية للثقافة، ولا يمكن التخلي عنها ببساطة وتأسيس كيانات جديدة بلا روح وبلا تاريخ أو جذور أو هوية ينتمي لها المثقفون.

* إلّا الوطن… لولا الوطن ما تقهويت

– بيت شعري يعيد تشكيل نفسك في كل مرة تسمعه أو تردده…

فصيحًا قول القصيبي: والقفرُ أكرمُ لا يغيضُ عطاؤه حينًا ويصغي للوشاةِ فينضبُ

والقفرُ أصدقُ من خليلٍ ودُّهُ متغيرٌ، متلونٌ، متذبذبُ

وشعبيًّا قول الحميدي:

إلّا الوطن… لولا الوطن ما تقهويت

لا في قصر عالي ولا في طرف ظل!

* منبر نادي جدة الأدبي يردد صهيل الكبار من فرسان الكلمة

– حدثنا عن الخلطة السحرية التي جعلت نادي جدة الأدبي مهوى أفئدة الأدباء والنقاد والباحثين؟

سببان؛ أولًا: أنّ نادي جدة -مهما تعاقبت عليه الأيام، وتتابعت الأعوام، وتغيرت إدارته- ظل وسيظل منبر وفاء كما هو منبر أدب وثقافة وعطاء، لا ينسى فضل الرموز، ولا يغيب عنه من ساند بناءه، ودعم عطاءه، فيقدّم الوفاء لكلّ من يستحق الوفاء. ثانيًا: أن منبره يردد صهيل الكبار من فرسان الكلمة من مختلف الأطياف والتوجهات، فهم عليه وإليه بين المصلي والمجلّي! 

* فلنشدّ حزام الهمّة حول خاصرة الوطن 

– رسالة توجهها إلى الوطن في عيده الرابع والتسعين.

الوطن ثرى مقدس، يحملنا فوق ظهره، ونحمله في قلوبنا، فلنشدّ حزام الهمّة حول خاصرته، حينها لا يستطيع أحدٌ أن يطعنه. فاليوم الوطني هو مراسيم عليا تصدرها الأرض بمكانتها المقدسة موجهة إلى الوطن بثراه الطاهر؛ لتعلن عن التكامل مع المنظومة العالمية، ومحاربة العزلة الجغرافية، والتقدم للأمام بخطوات الواثقين دون مساس بقداسة المكان، أو تفريط في الهوية.

 

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

جميع الحقوق محفوظه مجلة فرقد الإبداعية © 2022
تطوير وتصميم مسار كلاود