519
0398
0374
0307
0399
135
037
039
0106
0282
1الرياض_فرقد تستضيف هيئة الأدب والنشر والترجمة، سلطنة عُمان الشقيقة كضيف شرف للدورة المقبلة من معرض الرياض الدولي للكتاب 2023، والذي سيقام تحت شعار "وجهة ملهمة" خلال …
12005
010387
09904
08768
57460
0أحمد بنسعيد*
مقدمة:
إذا تفحصنا كتاب أدب الطفل الأثرياء في العالم الغربي، وجدنا مجموعة أسماء من بينهم:
ج. ك. راولنغ صاحبة (هاري بوتر) لا تزال على قيد الحياة، الدكتور سيوس (ت. 1991م).
وإذا تفحصنا في المقابل أثرياء كتاب أدب الطفل من خلال الكتابة للطفل في العالم العربي، لم نجد أي اسم.
فالكاتب العربي لأدب الطفل يشتغل على ميزة الإثراء أكثر من الثراء، (أو أن هناك عملية تعتيم في هذا المجال ولا أظن).
والذي أنا متأكد منه أن الوطن العربي كمؤسسات وطنية حتى يوم كتابة هذا المقال صباح السبت 16 نونبر 2024م لا يزال رأسمالها لاهٍ عن أطفالها وعن الإبداع لهم، وعن حسن تكوينهم… إلى أمور أخرى جانبية ليواصل الجيل القادم التمسك بحَبْل التخلف المقيت واعتماد الأخطاء الفكرية والنفسية واللغوية والعلمية والعتاقة في كل الأمور والأشياء، خاصة في ظل التقدم التكنولوجي المتسارع الذي لا يرحم والقفزات التطورية الواسعة للعالم العلمي.
إثراء المكتبة العربية:
بالمبادرات، بالأفكار، بالإبداعات، بالندوات، بالمعارض، بالفيديوهات، بالمسرحيات، بالملاحم، بمسرح الدمى، بالأغاني، والأشعار، والدواوين… بالألعاب الواقعية والإلكترونية… بإنجاز الكتب المدرسية الراقية.
بتحقيق الجودة في كل ذلك. من خلال التدقيق والغربلة وإعادة الغربلة… وما يتطلبه من تكوين مستمر، ومطالعة مستمرة، ومتابعة الجديد -في الشكل والمضمون والوسيلة- بشكل يومي، بل وآنيّ… إذا ألقينا نظرة شاملة على ما يصدر للطفل في بلادنا العربية مترامية الأطراف اليوم تأخذنا الحيرة لماذا لا يوجد (إثراء)؟ وحتى لا تشرد بنا الرؤية نقصرها فقط على نموذج واحد هو: (مجلة أدب الطفل) في الوطن العربي؛ وجدناه موضوعًا محتشمًا جدًا، والرأسمال المخصص له محتشم جدًا جدًا، أو لا يُذكر.
ترى ما هو السبب؟ لماذا لم أنشيء (أنا) " مجلة للأطفال " في وطني رغم تخصصي وطول باعي في هذا المجال؟
الجواب: إني لا أريد أن أتحمل مسؤولية عدد من الكتّاب والرسامين والمصممين المختصين
والذين قضوا حياتهم في تعلم الصنعة، يشتغلون معي في (مجلة رائدة للأطفال) بشكل تطوعي مجاني مخالف لـ(الثراء) يأكل أوقاتهم وأعمارهم دون مقابل مالي مكافئ لمجهوداتهم.
إثراء وثراء:
من المفروض أن يؤدي عامل (إثراء) المكتبة العربية وتجويدها وتزيينها بالإبداعات إلى (ثراء) الكتّاب المالي، أليس كذلك؟
أما والحال هذه من عدم تخصيص رأسمال قوي، لأجل بناء مؤسسات وطنية مختصة في أدب الطفل، وتكوين المبدعين في المجال، خاصة في عصر التقدم العلمي المعاش، فإن النتيجة تظل لحد الآن بسيطة جدًا، على جانبي حدّي المعادلة، لتظل مداخيل الكاتب متواضعة جدًا.
لننظر جيدًا في واقع أملنا للانتقال إلى معادلة: (إثراء وثراء)، وتحقيقنا للمعادلة الشاذة -التي لا تحدث في كل الأوقات- (إثراء وفقر) – لننتقل للمعادلة الطبيعية الواقعية وهي: (إفقار وفقر). لتحدث النتيجة المنطقية وهي استمرار التخلف في سلسلة الأجيال المتعاقبة.
إطلالة على المعادلة الشاذة (إثراء وفقر) ومعناها: العمل التطوعي أو البطالة؟
إذا خُير الكاتب للأطفال -الذي حافزه الأول إتقان صنعته هو محبة الأطفال والغيرة الشديدة على مستقبلهم- في وطنه بين: العمل التطوعي (الإثراء) أو البطالة (الفقر)، ترى ماذا يختار؟
طبعا كل الخيارات محترمة. ولكن في ظل وطن لاه عن أطفاله، وعن خدام أطفاله، لا شك -في نظري- أنه سيختار العمل التطوعي "الإثراء" لأجل "الفقر" (وهي حالة شاذة) لأجل عيون الصغار. ولا شك أن (الثراء المعنوي) الذي سيحصل عليه يختلف جذريًّا عن الثراء الحقيقي المعروف عندنا. إنما سيتحدد في مجموعة امتيازات طبيعية تكون للمتطوعين في مختلف المجالات وليس مقصورًا على مجال الكتابة للطفل، ومن بين هذه الامتيازات أن عمله التطوعي: سيساهم -كما ذكرنا- مساهمة تطوعية مجانية في خدمة المجتمع وتحقيق تأثير إيجابي في صفوف الأطفال والأجيال.
سيعزز شعور الأديب والمبدع بالإنجاز، ويزيد من ثقته بنفسه.
سيقدم له فرصًا لتعلم مهارات جديدة متعلقة بمجاله تساهم في تطوير الذات وصنعة الكتابة للطفل.
سيضفي قيمة مضافة على سيرته الذاتية، ما يجعله أكثر جاذبية للوظائف المستقبلية في مجال أدب الطفل إنْ وُجدتْ.
سيفتح أمامه علاقات اجتماعية متنوعة، وربما يبني علاقات مهنية توفر له بعض المال.
وعليه؛ ليكن الكاتب للأطفال مستعدًا في عالم مادي يتطلب المال في كل وقت لأجل العيش الكريم، لمختلف التحديات التي ستصادفه، وليعمل جاهدًا -وهو في خضم التطوع- على تحويل عالم الكتابة للطفل للمهنية ومسالك درّ الأموال، لتصير الكتابة للطفل مثلها مثل باقي الصناعات والصنعات.
هكذا سيصل في المستقبل هو أو من يليه لكسب قوت عيشه (وربما للثراء) من خلال عمل يحبه ويتقنه. ونعتز بكوننا المؤسسين لهذه الدعوة الرائدة.
خاتمة:
في ظل التسارع العلمي القائم، لم يعد للكلمة العاطفية العابرة ذلك الوقع القديم، إنما أصبح لعمليات التخطيط والدراسات والرؤى المستقبلية… أولويات الطرح والحوار.
وعليه ينبغي أن يتقدم رواد أدب الطفل المعاصر برؤية واضحة لتأسيس المهنة، والدفع بها إلى الأمام لأجل تحقيق الجودة في الإبداع للطفل، والنهوض من مستنقع الرداءة الذي استمرت فيه لسنوات، بسبب التفكير العاطفي والإجراءات العاطفية التي دفعته للبقاء في منزلق التخلف، وعدم تقديم أعمال تبهر العالم الذي تشتغل فيه، وهو مجال أدب الطفل.
*كاتب للأطفال_المغرب
التعليقات