حصة بنت عبد العزيز*

العلاقة بين الطفولة والشِّعر علاقة وثيقة وعميقة؛ فالشِّعر يجد في براءة الطفولة ونقائها أرضًا خصبة للإبداع، بينما يجد الطفل في الشِّعر عالمًا واسعًا من الخيال والمشاعر والتعبير، وسوف أستعرض لكم هذه العلاقة من عدة جوانب:

أولًا: الشِّعر من منظور الطفولة:
– عالم الخيال والدهشة: يتميز عالم الطفل بالخيال الواسع وبالقدرة على رؤية الأشياء بطرق مختلفة ومدهشة، والشِّعر بطبيعته المجازية الصورية أو التصورية يتناغم مع هذا العالم الخيالي، حيث للكلمات القدرة على أن تخلق صورًا حية وشخصيات فريدة.
– الإيقاع والموسيقى: يحب الأطفال الإيقاع والنغم، والشِّعر بما يحتويه من وزن وقافية يوفر لهم هذه المتعة السمعية؛ فالأناشيد والأراجيز والقوافي البسيطة تجذبهم وتساعدهم في تذكر الكلمات والمعاني.
– التعبير عن المشاعر: يجد الأطفال في الشِّعر وسيلة للتعبير عن مشاعرهم وأحاسيسهم المختلفة، سواءً كانت فرحًا، حزنًا، خوفًا، أو دهشة، والقصائد البسيطة في الوزن والإيقاع التي تتناول هذه المشاعر تساعدهم على فهمها والتعبير عنها بطريقة مقبولة.
– اكتشاف اللغة: يستمتع الأطفال باللعب بالكلمات واكتشاف معانيها الجديدة، والشِّعر يقدم لهم هذه الفرصة من خلال استخدام الألفاظ بطرق مبتكرة وغير تقليدية.
– المتعة والتسلية: الشِّعر مصدر كبير للمتعة والتسلية للأطفال، خاصة القَصَصُ الشِّعرية والأناشيد المرحة التي تثير الضحك والبهجة.

ثانيًا: الطفولة كمصدر إلهام للشِّعر:
– البراءة والنقاء: غالبًا ما ينظر الشُّعراء إلى الطفولة كرمز للبراءة والنقاء والصفاء الروحي، وهذه الصورة المثالية للطفولة تلهمهم كتابة قصائد تعبر عن هذه القيم، أو تستحضر ذكريات الطفولة الجميلة.
– الخيال الجامح: يلهم خيال الأطفال الجامح الشُّعراء لابتكار صور شعرية فريدة وعوالم خيالية جديدة.
– الرؤية المختلفة للعالم: ينظر الأطفال إلى العالم بمنظور مختلف، وغالبًا ما يرون فيه تفاصيل لا يلاحظها الكبار، وهذه الرؤية الطفولية هي مصدر إلهام للشُّعراء لتقديم وجهات نظر جديدة في قصائدهم.
– الذكريات والتجارب الأولى: غالبًا ما يستلهم الشُّعراء من ذكريات طفولتهم وتجاربهم الأولى في الحياة ما يكتبونه في أدب الطفل؛ حيث تحمل هذه الذكريات قوة عاطفية خاصة.
– اللغة العفوية: يتميز حديث الأطفال بالعفوية والبساطة والصدق، وهذه الصفات والمميزات تلهم الشُّعراء وتدفعهم لكتابة شِعر أكثر صدقًا وتلقائية.

ثالثًا: الشعر الموجه للأطفال:
– ظهر نوع خاص من الشعر موجه خصيصًا للأطفال، يراعي خصائصهم واهتماماتهم، ويستخدم لغة بسيطة وإيقاعًا جذابًا، ويهدف هذا الشِّعر إلى:

– تنمية حب اللغة والأدب: وذلك بغرس حب الشعر والأدب في نفوس الأطفال منذ الصغر.
– توسيع مداركهم: تعريفهم بالعالم من حولهم بطريقة شعرية ممتعة.
– تعليمهم القيم والأخلاق: وذلك عن طريق نقل وغرس القيم الإيجابية بطريقة غير مباشرة.
– تنمية مهاراتهم اللغوية: وذلك بإثراء لغتهم، وتنمية قدرتهم على التعبير.
– تنمية خيالهم وإبداعهم: وذلك بتحفيز خيالهم، وتشجيعهم على التفكير الإبداعي.

رابعًا: أمثلة على تجليات العلاقة بين الطفولة والشعر:
– أناشيد الأطفال: تعتمد بشكل كبير على الإيقاع والقافية البسيطة لجذب انتباه الأطفال وتعليمهم.
– قصص الأطفال الشعرية: تروي حكايات بسيطة بأسلوب شعري جذاب.
– قصائد تستحضر ذكريات الطفولة: يكتبها شعراء بالغون، يستعيدون فيها لحظات من طفولتهم.
– قصائد تعبر عن عالم الأطفال: يصف فيها الشُّعراء عالم الأطفال، وأفكارهم ومشاعرهم.

في الختام أقول: إن ذكريات الطفولة والشِّعر في أدب الطفل صنوان يجتمعان دومًا في عالم الخيال والإحساس، وكل منهما يغذي الآخر، فالشِّعر يقدم للطفل متعة الاكتشاف والتعبير، بينما تمنح ذكريات الطفولة الشاعر مصدرًا لا ينضب للإلهام والإبداع.

كاتبة_ سعودية
7aerh_4