مقالات مشابهة

الأكثر مشاهدة

مجاميع هذا المساء ليلةٌ باردةٌ وحزمةُ ضوءٍ واعدةٌ وقهوةٌ تبحث عن فنجانٍ أسطوريِّ …

الجانب الخفي

منذ سنتين

246

0

مجاميع هذا المساء ليلةٌ باردةٌ وحزمةُ ضوءٍ واعدةٌ وقهوةٌ تبحث عن فنجانٍ أسطوريِّ المزاج وقمرٌ يختفي نصفه خلف غيمةٍ تستعصي على الريح أن تسوقها لحقلٍ يعلن جفافه الموسمي، لأوديةٍ ترفل في نخيلها، وإنسانٌ يبحث عن مرفأٍ يتأمل فيه ذاته، ينظر للوجود يراه في نظرةِ تأمل، وابتسامةِ موهوم، وفرحة لقاء، وتفعيلة شاعرٍ، وسجدة عابدٍ، ورغيف جائعٍ، وشفاء مريض، ودمعةٍ حرَّى، وعودة غائب، وآهة محب وكثيرٌ مما لا يحتوي التوقيت ذكره.
مواقيت هذه الليلة تملأ المكان بعلامات النجوم وحكايات الدروب وهمسات الأغصان حين تحركها الرياح، ونسائمٌ تلتقط أنفاس الحالمين وأهات الحيارى، وموائدٌ يرتادها العابرون ومسافات يقطعها المغادرون لأرضٍ يسكنها الخوف وتعشقها جَرَّافات الشر وتخشاها بيارق العدل والحب والسلام، وتزرع فيها شتلات البغضاء والخوف والتسلط.
شاعرٌ يشتري قلماً أخضراً يحيطه بأوراقه البيضاء يكتب قصيدةً عصماء قافيتها الوهم، ووزنها التناقض وعروضها السراب، يبحث عن ظلٍّ يضع قصيدته على قارعة الطريق ليقرأها المارة ويحفظون جزءاً منها ينشدونه على ربابة الوجد كي تنسيهم مواجع الجوانب الخفية.
تلك مضامين ليلة الشتاء تصنع الغطاء فيعمل الفكر بعيداً عن واقع الحياة ويهرب المتأمل خلف أقنعة البقاء، يتأمل نشرة الأخبار عبر فضائها الواسع، يسمع عن سنةٍ جديدة أطلَّ من خلالها الوباء متحدياً فضاءهم – أقمارهم – أبحاثهم وسحرهم – جميع ما توصلوا إليه ، وعلمهم عاجزٌ عن حكمة السماء .
في الشرق تاه البصر حين زاد البشر وفي الغرب تاهت القيم وكشر الوحش عن نابه الأشر، وفي الوسط شاعر يترنم بقصيدته التي لم تنته بعد، مطلعها الغزل العربي القديم وأوسطها البكاء على الأطلال وخاتمتها مضامين ليلة الشتاء.

*شاعر وكاتب سعودي

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

جميع الحقوق محفوظه مجلة فرقد الإبداعية © 2022
تطوير وتصميم مسار كلاود