مقالات مشابهة

الأكثر مشاهدة

نادية عبدالوهاب خوندنة* استيقظت من سبات عميق عانيت فيه كوابيس شتى كأني كنت أشاهد …

يا خصوصي يا طائر

منذ 9 أشهر

270

0

نادية عبدالوهاب خوندنة*

استيقظت من سبات عميق عانيت فيه كوابيس شتى كأني كنت أشاهد عدة أفلام رعب مثيرة، متداخلة مع بعضها البعض بمشاهدها المخيفة وتأثيراتها الصوتية التي تقتلع القلب من مكانه، أضغاث أحلام بالتأكيد لأني لم أكن لأقدر على دفع ثمن تذكرة حتى ولو فيلم واحد منها! لكن نحن معشر الفقراء نحلم كثيرًا، فالأحلام مطيتنا والخيال وسيلتنا والأمنيات عقاقير مهدئة لنفوسنا وذلك كله بالمجان…ههههههههه…
لم أكن أحلم يا سادة يا كرام… بل من المحتمل أن الحظ قد جاد عليّ بمهنة ممثل أو لعله كومبارس بدلًا من وظيفتي المحفوفة بالمخاطر كسائق توصيل طلبات الطعام، فقد وجدت نفسي في جبيرة عملاقة، تغطي جسمي كله ورأسي أيضًا، بيضاء كثلج مونار في كيرلا، بلادي الخضراء، أو قمم جبال كشمير الساحرة.
لم أتذكر سريعًا كيف ولم جئت إلى هذا المكان، لكن الألم الشديد الذي كان يطرقني بحدة وبلا هوادة كلما حاولت أن أحرك أحد أطرافي، جعلني أتذكر ما حدث لي وأدرك أنني في أحد المستشفيات.. ربما مستشفى النور أم مستشفى قوات الأمن فهو الأقرب إلى المكان الذي كنت أحاول وأنا على دراجتي النارية الإسراع لتوصيل الطلبية التي كانت معي إلى عنوان في العوالي، أربع حبات كبيرة من البيتزا الشهية الساخنة.
كنت مضطرًا للمرواغة بين أرتال السيارات التي كان يقود معظمها شبان وشابات وكثير منهم قد اصطفوا باتجاه المخرج الأيمن المؤدي إلى عدة مقاهي عصرية متراصة بجانب بعضها البعض…
كم تمنيت وأنا أمر يوميًّا على طريق هذه المقاهي الجذابة لو كانت عروسي الجميلة “شمسية” معي هنا في مكة لبذلت جهدًا مضاعفًا وادخرت بعض المال لنقضي سويًّا ساعة من هناء وصفاء، نتشارك في تناول قطعة كيك بالشوكولاتة ونحتسي القهوة التي كثيرًا ما أوصلت بعضاً من أكوابها صباح مساء، وفي كل وقت وحين، مثلها مثل طلبيات الطعام تمامًا.
يا إلهي! كيف ومتى ومن الذي سيخبر شمس حياتي أن “شبيرًا” عريسها الشاب، وحبيب عمرها الذي غادرها بعد عشرة أيام فقط من الزفاف؛ لأنني لم أرد أن تضيع الفرصة الذهبية بالعمل في المملكة من بين يدي متسللة كحبات الرمال أو تذوب في الهواء كفقاعة صابون مثلما حدث لي من قبل عدة مرات…
فكل ما أجنيه من مال وأدخر معظمه، مقترًا على نفس أشد تقتيرًا كبخيل ذميم شحيح، سيذهب جلّه ولمدة سنتين على أقدر تقدير تسديدًا لديون تكاليف الزواج، فحزب الأمهات وحزب العادات والتقاليد اتحدوا -خلافًا عن أي أحزاب سياسية- ضدي وضد كل شاب راغب في الارتباط بنصفه الحلو، غير معترفين بشيء اسمه ضيق ذات اليد، فالمهم أن تزدادن سواعدهن -والعروس بالطبع- بالأساور الذهبية وتستمر الاحتفالات بالزفاف لعدة أيام.
آلمتني عيني بشدة وأنا أحاول النظر إلى جهة اليمين دون أن أستطع إدارة رأسي بالطبع، متوقعًا وجود منضدة بجانب السرير، ربما وضعوا هاتفي الجوال عليها.
يا لحظي التعس! تذكرت أن آخر عهدي به عندما أخرجته من جيبي الأيسر عندما سمعت النغمة الخاصة باتصال مكالمات الفيديو لشمسية، فلم أنتبه للسيارة التي اختار سائقها فجأة تحويل مساره وبسرعة فهد عربي أصيل، من اليسار إلى أقصى اليمين، وفي لمح البصر أصبحت محصورًا بعظام مهشمة بين سيارتين، أو بالأصح أصبحت “ساندويتشًا فيليه بنكهة البيتزا!”. 

 

*كاتبة من السعودية

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

جميع الحقوق محفوظه مجلة فرقد الإبداعية © 2022
تطوير وتصميم مسار كلاود