612
31078
11134
1143
0378
021
051
079
080
0240
3الرياض_فرقد تستضيف هيئة الأدب والنشر والترجمة، سلطنة عُمان الشقيقة كضيف شرف للدورة المقبلة من معرض الرياض الدولي للكتاب 2023، والذي سيقام تحت شعار "وجهة ملهمة" خلال …
11935
07053
06861
06335
05728
5شموع الحميد*
في عصرنا الحالي اختلفت الوسائل التي يمتلكها الانسان للتواصل مع ذاته والآخرين وأصبح لا حصر لها، ولكن في هذا المقال سنركز على لغة تجمع ولا تفرق، مطلقة، وعابرة للحدود ألا وهي لغة الفن التشكيلي فهي لغة تعبيرية تحكي قصة من ينقلها دون حواجز لغوية أو ثقافية، مرآة حقيقة لوجدانه، ولكنها تربط بين شعوب وتقرب الثقافات للمتلقي، فهي تشكل الوعي الجمالي، وتعبير عن القضايا المجتمعية وتحفز الحوار بين الافراد وتترجم الهوية.
فالفن التشكيلي ليس فقط ألوان على لوحة أو مجسمات تنحت من طين ولم تكن مجرد أداة للعرض، فمنذ بداية عصره الذي بدأ برسومات الكهوف البدائية إلى الفنون الرقمية المعاصرة كان أساسها الفنان وافكاره العقلانية والوجدانية ولا ثالث لهما باختلاف العصور والمدارس والانواع ، فلم يحقق الفنانون التشكيليون شهرتهم الواسعة في هذا المجال بانتهاج مدارس الفنانون الرواد قبلهم، بل لانهم ابدعوا أساليب فنية لا مثيل لها، جمعت بين العقل والوجدان ولم يقتصر الامر على ذلك بل استلهموا رُؤاهم من بيئتهم ومحيطهم وتجاربهم المجتمعية، فأقاموا مدارس خاصة بهم، أضاءت تاريخ الفن بروح الابتكار، وهذا ما ساهم في إثراء هذا المجال.
وعلى مر العصور عرف الإنسان أهمية التواصل الثقافي فلذلك شهد الفن التشكيلي تطورات ملحوظة بدءًا من التقنيات والأدوات المستخدمة فكانت الألوان أصباغ تستخرج من النباتات ويستعلمون أيضا الخشب والجص ولاحقًا بدأ الفنانون باستخدام الألوان الزيتية والمائية والفُرش الدقيقة انتقالا للمواد المعاد تدويرها والأدوات الرقمية، والوسائط المتعددة، فيسعى الفنان لتحويل المواد الأولية لإعمال فيمنحها الشكل والملمس، فتغدو تجسيدًا حيًا لأفكاره.
تدرجًا إلى المدارس والمناهج الفنية التي ظهرت بسبب اختلاف نظرة الفنانين حول العالم للفن فتميزت كل مدرسة فنية برؤية وفلسفة معينة وكانت من أوائل المدارس هي المدرسة الواقعية التي كانت تعكس الحياه كما هي، و الانطباعية كان تهتم بتأثير الضوء واللون، و التعبيرية التي تركز على المشاعر والتعبيرات، انتهاءً بالمدارس الحديثة التي احتضنت العديد من أنواع الفن مع مزج تقنياتها، وغيرها الكثير وكل مدرسة من هذه المدارس كانت تمنح الفنان إطارًا خاصًا يتحرك فيه وفق أسلوبه الفني.
فأصبح الفنان في العصر الحالي قادرًا على صياغة أعماله الفنية بطرق متنوعة، سواء من خلال المدارس الفنية العريقة، أو عبر استخدام التقنيات الحديثة، أو من خلال التحليق في سماء الإبداع بابتكاراته الفريدة التي تميز كل فنان بأسلوبه الخاص.
على سبيل المثال، تُعد الأستاذة هند القثامي واحدة من أبرز الفنانين المتميزين في تجسيد رموز مدينة الطائف في أعمالها التشكيلية على مر السنين، حيث نجحت في تعزيز الهوية الثقافية وتعميق الانتماء، حيث تتميز أعمالها بقدرتها على توسيع أفق الجمهور وبناء مجتمع أكثر وعيًا وإبداعا ، فضلًا عن قدرتها الاستثنائية على دمج العناصر الطبيعية، مثل الورد، في لوحاتها بشكل متقن، وهذا ما يميزها في هذا المجال ، فكشفت عن اخر اعمالها وهي لوحتها الفنية المسماة (الورد) تزامنًا مع موسم الورد الطائفي، واحتفاءً بتسجيل “الورد الطائفي” في قائمة التراث غير المادي لمنظمة اليونسكو، حيث جسدت اللوحة تلاقي الإبداع والرمزية، وتم تنفيذها بقياس 130 × 150 سم واستخدمت 2400 وردة تم تنسيقها بعناية ودقة، لتجسيد صورة صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل، مستشار خادم الحرمين الشريفين وأمير منطقة مكة المكرمة، ولم يقتصر الامر على تناغم الألوان والصورة الفنية، بل مثلت العلاقة الوثيقة بين الطبيعة و أبناء المدينة.
كما ان ابداعات الفنانة هند لم يكن لها حدود إبداعية، بل شملت مشروعًا مبتكرًا آخر تمثل في تصميم مسابح فنية تأخذ إلهامها من ثمار الطائف الأصيلة، مثل الرمان والعنب والورد الطائفي في هذه الاعمال، فقامت الفنانة بتشكيل الخرزات بشكل فني لا مثيل له يعكس جمالية والألوان والاشكال لتلك الثمار، وتعتبر من التجارب الفنية المبتكرة التي لم تكن متواجدة في الساحة الفنية من قبل.
وقد جاءت أعمال الفنانة لتشكيل إضافة نوعية إلى موسم الورد الطائفي، حيث استطاعت أن تجمع ببراعة بين عراقة التراث وروح الابتكار المتفردة به، كما انها أظهرت قدرة مميزة على إحياء رموز الطائف بجماليات معاصرة مما رسخ مكانة المدينة كعاصمة نابضة بالثقافة والجمال والإبداع الفني المتجدد.
عبر حروف شموع وخامات هند كنا في رحلة معاصرة عن تاريخ الفن التشكيلي… كل التحايا لهذا الإبداع الذي تجلى في رمز أميرنا وقدوتنا خالد الفيصل.