الأكثر مشاهدة

عبدالعظيم محمد الضامن في العام ١٩٦٩م كانت ولادة أولى لوحات الفنان مجيد الجاروف ا …

فسيفساء مجيد الجاروف.. عاشق الكلاسيكية

منذ 3 أشهر

352

0

عبدالعظيم محمد الضامن

في العام ١٩٦٩م كانت ولادة أولى لوحات الفنان مجيد الجاروف المولود في مدينة سيهات بمحافظة القطيف.
في وقت لا يتجاوز العاشرة من عمره وبالتحديد في بداية السبعينيات الميلادية، كان يتحدى كل أقرانه الفنانين في رسم اللوحات العالمية، فرسم حينها لوحة الموناليزا للفنان العالمي ليوناردو دافنشي وذلك في العالم ١٩٧١م، ورسم الكثير من لوحات فنانين عصر النهضة، كان مفتونًا بتلك الحقبة الزمنية لفناني عصر النهضة أمثال مايكل انجلو ورافائيل وليوناردو دافنشي، رغم قلة توافر المواد الفنية حينها، لكنها لم تكن عائقًا لاستمراره في رسم عدد من اللوحات الفنية العالمية.
في الصف الثالث متوسط أهداه معلم اللغة الإنجليزية الأستاذ (جون وليامز) بريطاني الجنسية، كتاب عن فن الانطباعية، وكان نتاجه لوحة سوق الماشية في الأحساء في العام ١٩٧٤م.
وكان والده يأتي له بالمجلات من شركة أرامكو؛ ما ساهم في تثقيفه وتشجيعه للمضي قدمًا في ممارسة الرسم، وفي المرحلة المتوسطة وُفّق بمعلمين من خيرة المعلمين في مجال الفنون، وهما الأستاذ حسن البياتي والأستاذ إبراهيم العبدلي، اللذين كانا خير معين لتطوير موهبة الجاروف.
وكان نتيجة تلك الفترة حصيلة جيدة من الأعمال الفنية، لذلك قرر أن يقيم معرضه الثنائي مع الفنان عبدالله مرزوق في جامعة البترول والمعادن في العام ١٩٧٤م، وهي تعد الانطلاقة الحقيقية لعالم المعارض الفنية.
وفي نفس الفترة ١٩٧٤م تم ترشيحه للمشاركة في معرض الشباب العربي في ليبيا مع الرئاسة العامة لرعاية الشباب، ممثلًا مشاركة المملكة في هذه التظاهرة الثقافية الفنية، ومنذ ذلك التاريخ توارى عن الأنظار، يرسم فقط للفن، ويتنقل من محطة إلى أخرى فنيًّا، مستمتعًا بما يُنتجه من أعمال فنية، وفي العام ٢٠٠٣ أقام معرضه الشخصي في جاري أتليه جدة.
بين الكلاسيكية والانطباعية..
حينما كان في المرحلة المتوسطة كان لكتاب الفن الانطباعي أهمية كبيرة في تغيير مساره الفني، كأنه يعلن تغيير مساره الفني بعد مشاهدته لتلك الأعمال العظيمة للفنانين الانطباعيين وانبهاره بأعمالهم الفنية، وكان معلم التربية الفنية حينها احتضن موهبته ليساهم بشكل كبير في تمكينه من الرسم المباشر بضربات الفرشاة السريعة، ومنها انطلق لعالم الفن الانطباعي، يرسم البحارة بسواعدهم البرونزية، ويروي قصة الأجداد المكافحين في لوحاته، واستمر بين الحين والآخر يطرق أبواب نوعية في عالم الفن.
وكان لهموم العالم العربي وما يصيبه من نكبات ومصائب، أهمية كبيرة في وجدان الفنان الجاروف، وبالأخص في فترة الثمانينيات الميلادية، رسم مأساة فلسطين ولبنان، ووظف فرشاته لرسم تلك المآسي الإنسانية، وكانت تشغله تلك الموضوعات ويترجمها لأعمال فنية كانت تكفي لتكون إيجاز قصة تروى في مئات من الصفحات، هنا أتذكر كيف كان للفنان بابلو بيكاسو حينما أوجز لوحة الجوزنيكا واختزل جميع أحداثها في لوحة بصرية ومشهد صامت، حتى أصبحت الجورنيكا عملًا فنيًا إنسانيًا بخلاف كثير من الأعمال الفنية التي رسمها أشهر الفنانين في العالم، لكونها تحاكي قضية إنسانية.
كما تناول الشعر والشعراء في تجربة رائدة في سماء الفن التشكيلي السعودي، حيث وظف بعض القصائد لأعمال فنية مصحوبة بتحية للشاعر، وهي من ضمن السياق البصري الذي يتناوله الجاروف بموسيقى لونية مجردة.
وحينما زار إسبانيا والمغرب افتتن بعالم العمارة المرتبط بتاريخ العرب المسلمين، بالخصوص حينما وقف على قصر الحمراء في غرناطة الذي أسره بجمال روح العمارة والفن المطرز في جدران القصر، ثم سرعان ما التفت للزخرفة في العمارة الأندلسية وتوظيفها جماليًا واستمرار جماليات العمارة الإسلامية في بلاد المغرب العربي والإسلامي.
ثم انتقل إلى حضارة جلجامش التي ألقت بثقافتها على أعمال الفنان الجاروف، واستلهم بعض قصصها في ملحمة لونية تستحق الذكر والحفظ.
مسيرة خمسة عقود ونيف من الزمن أشبه ما تكون فسيفساء تم توظيفها بعناية فائقة؛ لتكون قطعة فنية من عالم المنمنمات مليئة بالحكايات والحكايات.

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

جميع الحقوق محفوظه مجلة فرقد الإبداعية © 2022
تطوير وتصميم مسار كلاود