مقالات مشابهة

الأكثر مشاهدة

أحمد علي بادي* حين كان الحاج عبد الرؤوف خارجًا من منزله؛ أشار إليه غراب بأحد جنا …

الرجل الذي يكره الحيوانات

منذ شهرين

279

0


أحمد علي بادي*

حين كان الحاج عبد الرؤوف خارجًا من منزله؛ أشار إليه غراب بأحد جناحيه مخاطبًا قطًّا أسود إلى جانبه على الرصيف:
– هذا الرجل يكره الحيوانات ويسيء معاملتها كثيرًا!
فانتفض القط كأنه يستعد للهجوم:
– معك حق يا صديقي، يا له من إنسان شرير!
لكن عصفورًا صغيرًا لريشه ألوان الطيف، قال معترضًا وكان قريبًا منهما:
– أنتما مخطئان. إنه يحب الحيوانات، وإنسان طيب.
التفت الغراب إلى العصفور الصغير، وقال باستهزاء:
– كأني سمعت أحدًا يقول شيئًا آخر؟!
قال القط الذي أخذ يضحك بصوت عال:
– ومن يكون هذا الأحمق؟!
غمز بعينه للغراب.
ثار العصفور غاضبًا في وجهيهما وعلت حدة صوته:
– بل أنتما الأحمقان، يا لكما من شريرين!
فاتجه إليه القط مبرزًا مخالبة، وخاطبه قائلًا:
– انتبه إلى كلامك أيها الصغير وإلا…
فتراجع العصفور خائفًا؛ نظر إليه الغراب نظرة تهديد ثم قال:
– وأنا سآتي لأنقر رأسك، هل سمعت؟
على مقربة منهم كان كلب الحي يشاهد ويسمع كل ما يدور، دون أن ينتبهوا له، حتى اقترب أكثر من الثلاثة، وقال بصوت هادئ:
– كأني سمعت شجارًا هنا، ما الأمر؟
فسارع الغراب يرد عليه بصوته الشاحب:
– هذا العصفور الصغير، لا يحترم من هم أكبر منه، ويصفهم بالحمق!
أومأ القط برأسه مؤيدًا قول الغراب، ثم عاد يلعق باطن يده بعد أن أخفى مخالبة.
ابتسم الكلب وقال مخاطبًا العصفور:
– لا يا صغيري… لم أحب سماع هذا عنك!
فقفز العصفور أمام الكلب قائلًا، وصوته لا يزال متوترًا وحادًا:
– هما اللذان كانا يهدداني، ويقولان عن ذلك الإنسان الطيب أنه يكره الحيوانات؛ الحاج عبد الرؤوف، أنت تعرفه جيدًا أيها الكلب الطيب.
لكن الكلب طلب من العصفور أن يهدئ من انفعاله، ويخفض من صوته، ثم قال:
– حسنًا سأسمع حجة كل منكم، ثم أحكم بينكم.. هل أنتم موافقون؟
فقبل الثلاثة أن يحكم بينهم.
تقدم الكلب نحو القط أولًا، وقال:
– قل لي أنت أيها القط، لمَ تقول عن ذلك الإنسان أنه يكره الحيوانات؟
فقال القط، وهو ينظر إلى منزل الحاج عبد الرؤوف بعينين ضيقتين:
– نعم إنه يكره الحيوانات، فكلما دخلت إلى حديقته وأردت أن أتسلى بنبش التراب فيها طاردني بالعصا.
نظر الكلب إلى القط، وقال بهدوء:
– لكن ألا ترى أنك بهذا تفسد عليه حديقته وتتلف مزروعاته، فكيف تريده أن يسمح لك بذلك؟ 
فصمت القط، ولم يستطع الرد.
ثم انتقل إلى الغراب، وقال:
– وماذا عنك أيها الغراب؟
ارتبك الغراب قليلًا قبل أن يتكلم بصوته الذي صار شاحبًا أكثر:
– إنه يطردني دومًا من مطبخه ويغلق علي النافذة، ولا يدعني آكل ما أشاء من ذلك الطعام الوفير لديه.
قال الكلب بنفس الهدوء الذي خاطب به القط:
– لكنك بهذا تفسد عليه الطعام المخصص له ولعائلته، ثم إن ما تقوم به يعتبر سرقة لأنك تأخذ من طعامه دون إذن منه.
نظر الغراب إلى الأرض، وظل صامتًا.
التفت بعدها الكلب إلى العصفور الذي أخذ ينط فرحًا، فقال له الكلب وهو يبتسم:
– على رسلك أيها العصفور، والآن قل لي أنت ما الذي جعلك تقول عن هذا الإنسان أنه يحب الحيوانات؟
فنظر كل من القط والغراب إلى العصفور الذي أخذ يتحدث بهدوء هذه المرة:
– إنه إنسان يحب الحيوانات، لأني أراه دومًا ينثر لنا الحَبَ في مكان مخصص على أرضية حديقته، وأنا وأصدقائي نأتي دومًا ونأكل حتى نشبع، ونراه دومًا يراقبنا في سرور وهو يبتسم، ولا يسمح لأحد بأن يفزعنا أو يؤذينا.
فقال الكلب والابتسامة لا تزال على فمه:
– أحسنت أيها العصفور، وهو إلى ذلك يخرج دائمًا من طعامه المتبقي لحيوانات الحي لتأكل.
هنا عاد والتفت إلى القط والغراب وخاطبهما:
– ما رأيكما الآن؟
فنكسا رأسيهما وقالا بصوت واحد: يبدو أن معكم حق، وكان الحاج عبد الرؤوف عائدًا إلى بيته؛ فطار العصفور الصغير وأخذ يدور فوق رأسه والحاج عبد الرؤوف ينظر إليه مستغربًا ويبتسم! 

*كاتب من اليمن
@ahmalibdi

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

جميع الحقوق محفوظه مجلة فرقد الإبداعية © 2022
تطوير وتصميم مسار كلاود