الأكثر مشاهدة

من أكثر النقّاد العرب الذين تناولوا هذا الموضوع عبد الملك مرتاض وهو القائل: يشتم …

سيمائية التشاكل والتباين

منذ سنتين

792

0

من أكثر النقّاد العرب الذين تناولوا هذا الموضوع عبد الملك مرتاض وهو القائل:

يشتمل الخطاب الأدبي على مجموعة من العناصر الأدبية التي تجعل من سماته اللفظية أكثر ترابطًا؛ إما على سبيل التشاكل وهو العنصر الغالب، وإما على سبـيل التباين أو الاختلاف الذي يسهم في تأسيس الدلالة، وبالتالي فإنَّ أي نصٍّ أدبيٍّ يقوم نسجه على التشاكل أكثر من التباين، وهو شأن يمثل في سيرة الحياة نفسها؛ إذ كل ما يميز الناس من تباين ويباعد بينهم من تنافر، فإن التشاكل يبقى أكثر ورودًا في علاقاتهم بعضهم ببعض، انتهى.

والمشاكلة من الشكل وهو الشبه والمثل، وعندما نقول: هذا على شكل هذا، أي: على مثاله أو من ضربه ونحوه، والمشاكلة الموافقة أيضًا.

أما التباين فيعني الاختلاف أو الشيء وضده، مثل: الطباق، والمقابلة والتضاد، وباين بمعنى فارقه وخالفه، وتباين الصديقان أي: افترقا.

والكلمة تتكوّن من حروف ذات دلالات؛ لأن مخارجها الصوتية تدلُّ على معانٍ وإشارات معينة، تبرز من خلال الكلمات داخل السياق الذي لا يكون للصوت قيمة بمعزلٍ عنه، وهي من العلامات اللسانية في اللغة الشعرية أو السردية، وتزيد النص جمالًا كلما استطاع الشاعر أو الكاتب توظّيف هذه الإمكانات الصوتية الخافية، كما أن التباين والتشاكل يحددان العلاقة بين الوحدات الدلالية في سياق النص.

وللنص سيمات موسيقية تؤثِّر في النفوس، وتتراقص لها القلوب والأحاسيس، سواء أكانت داخلية؛ مثل: التصريع، وتكرار الحروف والكلمات، والنداء، والطباق، والمقابلة؛ أم خارجية؛ مثل: البحور، والأوزان، والقوافي التي لا بد أن يكون هناك تناسب بينها وبين الأغراض والموضوعات.

والأصوات الصائتة فضاؤها الكبير الحزن والألم، فمثلًا: صوت الألف اللينة في مثل هذه الكلمات: (اكتئاب، عذاب، بكاء)؛ تتناسب مع طول الحسرة والألم، وفي ذلك دليل على علامات الألم والحزن الذي يعاني منه الكاتب في داخله.

والتشاكلات الصرفية تتشاكل مع الأفكار والمشاعر؛ لتشكِّل لنا دلالات وإشارات سيميائية، فمن خلال اسم الفاعل نصل للمفعول أو صيغ المبالغة، لتعطينا معنى متماسكًا متجانسًا لا يستقيم إلا من خلال هذه التشاكلات.

وتبرز سمات التضاد من خلال الطباق (التباين)، الذي يعطي النص جرسًا موسيقيًا خاصًا، مثل: (الباطن والظاهر)، فالكاتب أو الشاعر يُكوّن النص بتناقضات من الألفاظ الدالة على معاني متناقضة في الكثير من المواضع، وهي تعطي النص اختلافات دلالية تفيد المتلقِّي.

ولعل هذه المقالة تعتبر لمحة سريعة عن بعض سمات التشاكل والتباين التي لا يمكن حصرها إلا من خلال بحث أو دراسة مستقلة.

*كاتب من السعودية 

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

جميع الحقوق محفوظه مجلة فرقد الإبداعية © 2022
تطوير وتصميم مسار كلاود