الأكثر مشاهدة

حصة بنت عبد العزيز* للإبداع الأدبي عند كتابته تقنيات وأساليب تناول وطرح وشروط وض …

بحر الخيال في أدب الطفل

منذ 6 أشهر

304

0

حصة بنت عبد العزيز*

للإبداع الأدبي عند كتابته تقنيات وأساليب تناول وطرح وشروط وضوابط وقواعد مختلفة؛ تختلف باختلاف الجنس واللون الأدبي (روايةً، شِعرًا، مسرحيةً، قصةً،… إلخ)، وأدب الأطفال لا يختلف عن هذا المفهوم ولا عن هذه التقنيات؛ اللهم إلا في في العناية بأساليب العرض وطرق التقديم، وبات ذلك ضرورة ملحة، خاصة في عصر لم تعد فيه الأسرة هي المبرمج الوحيد لشخصية الطفل وفكره.
وإذا كان أدب الطفل في الغرب قد بلغ غايته المنشودة نظريةً وتطبيقًا وفكرةً وتجسيدًا؛ فإنه في عالمنا العربي ما زال يحتاج إلى دفعة قوية، ورؤى جديدة وأقلام تطرح ما نطمح إليه بأساليب شائقة ترسخ لقيمنا ومبادئنا العليا، مع العمل على فتح آفاق الفكر والتأمل، والتعامل بذكاء مع الواقع لدى أطفالنا بالسباحة في بحر الخيال النافع للجميع.

ومن المعلوم لدى الكثير أن الكتابة للأطفال أصعب كثيرًا من الكتابة للكبار، لأن المتلقي الطفل (الصغير) يختلف في وعيه باللغة والمفاهيم والمعارف عن المتلقي الكبير، ولأن الأطفال ليسوا في مستوى عمري واحد مناسب للتلقي؛ إنما هم في مجموعة من المستويات التي تختلف باختلاف مراحلهم العمرية، ولكل مرحلة خصائصها النفسية وحاجاتها والمعارف المناسبة لها.
ويمثل أدب الأطفال أحد أهم السبل لتعريف الطفل بالحياة، وإكسابه الخبرات المطلوبة والمهارات اللازمة لحياته الحالية والمستقبلية، وهو بأنواعه المتعددة من القصص والأشعار والمسرحيات، وبوسائل تقديمه من كتب وصحف وأساليب عرض معاصرة، يمكنه أن يبث في النشء القيم والمبادئ التي ستمثل النمط الثقافي المراد تربيتهم عليه، وتمنحهم الهوية الثقافية الدينية والوطنية والقومية المنشودة؛ كما يمكنهم من خلال ذلك السير على الطريق السوي للتعامل مع بعضهم بعضًا، ومع من هم أكبر منهم، كذلك مع كل الكائنات المحيطة بهم من حيوانات ونباتات وجماد.
وأدب الطفل أيضًا هو الطريق للتحليق بالطفل في عالم الخيال الذي يفتح داخل ذهنه آفاق الفكر والابتكار من خلال قراءته للقصص الخيالية؛ فيحلق به، وينمي لديه فكرة الابتكار والاختراع التي تستمر مع البعض من الأطفال طوال مسيرتهم الحياتية، وتتفاعل بهم مع الثورة المعرفية والتكنولوجية؛ ليحصل المجتمع في نهاية المطاف على رجل موهوب أو عالم يضيف إليه ما يفيد حاضره ومستقبله.
ويعد أدب الأطفال لمن يعي مقداره بحق هو الطريق السوي السهل الذي يصل الطفل من خلاله إلى حديقة الخلق القويم والعلم النافع؛ ومن ثم وجب على المجتمع الاهتمام به، وإعطاؤه دفعة إلى الأمام تؤدي الغرض منه، والتوصية بإبداعاته الجيدة وكُتابها؛ لنحقق الغاية السامية.

وأخيرًا ما نريد قوله: إن أدب الطفل الغني بالخيال والمرح عامل أساسي ومهم في تطوير خيال الطفل وإثراء مخيلته، ودفعه باتجاه الابتكار الإبداعي المطلوب، وأدب الأطفال بذلك يحتاج إلى جهد إضافي، واهتمام خاص وعناية فائقة؛ فهو لا يقل أهمية عن أدب الكبار، بل هو أهم بكثير لأنه يشكل أهم الركائز الأساسية والمنطلقات لحياة الطفل المستقبلية.
‏وأنا انطلاقًا من هذه القناعة سأظل ألح على كتاب الأطفال ذوي القدرات المائزة وكذلك بعض المائزين من الكتاب والشعراء المترددين في الكتابة للطفل، أن يضعوا أقلامهم على الورق لتجسد وتصور ما يسعد الطفل ويفيده ويكون بذلك لم يفد الطفل فقط، بل المجتمع والبشرية بكاملها.

*كاتبة سعودية
@7aerh_4

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

جميع الحقوق محفوظه مجلة فرقد الإبداعية © 2022
تطوير وتصميم مسار كلاود