مقالات مشابهة

الأكثر مشاهدة

 أحمد بنسعيد* مقدمة: يعيش أطفالنا في عالم مليء بالتحديات الثقافية والمعرفية، الت …

الطفل.. بين شح الإبداع العربي وتدفق الإبداع الغربي

منذ 4 أشهر

316

0

 أحمد بنسعيد*

مقدمة:

يعيش أطفالنا في عالم مليء بالتحديات الثقافية والمعرفية، التي ستؤثر حتمًا على حياتهم وحياة وطنهم وأمتهم مستقبلًا… حيث يواجه اليوم أكثر من أي وقت مضى فجوة واضحة بين الإبداع المحلي المحدود جدًا وبين التدفق الهائل والمستمر واللحظي للإنتاج الإبداعي الغربي، سواء في الأدب، الفنون، أو التكنولوجيا والوسائط الترفيهية المتنوعة المتعلقة بالطفل.

واقع الإبداع العربي للأطفال: 
ينعكس ضعف دعم المحتوى الإبداعي العربي وتقوقعه في تشكلات محدودة كرصد بعض الجوائز التي تعد على رؤوس الأصابع أو ربما من خلال بعض الدعم المحتشم لوزارات الثقافة لبعض المجلات.. سلبًا على الإنتاج المحلي ويتسبب في نقص التجديد والتنوع. حيث يعاني الإبداع العربي للأطفال من التوهان والاجترار وندرة الابتكار وعدم سبق الأحداث والتنوع في الأسلوب والسرد، ويفتقر الكثير منه إلى محتوى يعكس قضايا الطفل المعاصر بطريقة مشوّقة ومثيرة. إضافة إلى ذلك، تعاني صناعة الترفيه العربي من قيود تجعلها غير قادرة على مواكبة التطورات العالمية في سينما الأطفال -إن وُجدت- والرسوم المتحركة والتطبيقات التعليمية الحديثة.
عوامل تعيق تطور الإبداع الموجه للأطفال في العالم العربي:
1. ضعف الدعم المادي والاستثماري:
تعاني المشاريع الإبداعية الموجهة للأطفال من نقص حاد في التمويل، إذ يُنظر إليها غالبًا على أنها مجالات غير ربحية.
الشركات والمؤسسات الكبرى غير منفتحة على المبدع العربي، ولا تستثمر بما يكفي في تطوير محتوى عربي مبتكر للأطفال، مما يجعل المشاريع محدودة في نطاقها وتأثيرها.
2. نقص المحتوى الجاذب والمبتكر:
كثير من الأعمال العربية للأطفال تعتمد على القوالب التقليدية في السرد، ما يجعلها أقل جاذبية مقارنة بالإنتاج الغربي الذي يتميز بالتفاعل البصري والأساليب الحديثة في القصص.
قلّة الدمج بين التكنولوجيا والإبداع في المحتوى العربي مثل التطبيقات الذكية والكتب التفاعلية، ما يؤثر على تجربة الطفل التعليمية والترفيهية.
3. ضعف المناهج التعليمية في تنمية الإبداع:
المناهج المدرسية وأدواتها لا تزال في الغالب رغم التطور العالمي تركز على الحفظ والتلقين بدلًا من تعزيز التفكير النقدي والإبداعي، ما يحد من تكوين طفل قادر على ابتكار أفكار جديدة منذ صغره.
هناك نقص في إدراج الفنون والمسرح والأنشطة الإبداعية ضمن المناهج الدراسية بشكل فعال، ما يقلل من فرص الأطفال للتعبير عن الذات والتفاعل مع الإبداع منذ سن مبكرة.
4. ندرة المؤسسات الثقافية والمراكز الإبداعية:
على الرغم من وجود بعض المبادرات الثقافية، لكن عدد المراكز المتخصصة في تنمية الإبداع لدى الأطفال في العالم العربي لا يزال محدودًا.
البرامج التفاعلية والمساحات التي تسمح للأطفال بالتعبير عن أنفسهم بحرية قليلة جدّا مقارنة بما هو متاح في الدول الغربية.
5. تأثير المحتوى الغربي وسيطرته على الأطفال
بسبب الانفتاح على التكنولوجيا، أصبح الطفل العربي مستهلكًا أساسيّا للمحتوى الغربي المتدفق، سواء في الأفلام، الكتب، أو الألعاب، الفيديوهات، التطبيقات…
هذا التأثير يجعل الطفل أقل ارتباطًا بالمحتوى العربي المتاح، خصوصًا إذا لم يكن هذا المحتوى بجودة تنافسية أو يحمل طابعًا جذابًا ينافس الإنتاج الغربي كما هو الأمر الآن…
6. نقص الوعي بأهمية الإبداع في بناء شخصية الطفل:
لا يزال هناك اعتقاد سائد بأن الإبداع للطفل في المجتمع العربي هو مجرد نشاط ترفيهي، وليس أداة مهمة لتنمية مهارات التفكير والتعلم لدى الأطفال.
هذا المفهوم يحدّ من اهتمام الأسر والمؤسسات بتنمية القدرات الإبداعية للأطفال وتشجيعهم على الابتكار.

كيف يمكن سد الفجوة؟
لحل هذه الإشكالية، يجب تعزيز الاستثمار في الإبداع العربي للأطفال، عبر دعم الكتاب والمبدعين لإنتاج محتوى غني ومبتكر، إلى جانب تشجيع التقنيات الحديثة في الصناعة الإبداعية، مثل الذكاء الاصطناعي والتطبيقات التفاعلية. كما ينبغي إعادة صياغة المناهج التعليمية بحيث تنمّي مهارات التفكير الإبداعي لدى الطفل العربي منذ الصغر.
ونقطة ينبغي أن نثمنها كثيرًا؛ هي رفض الفراغ القائم، وانطلاق مجموعة من المبادرات العربية الفردية والمستقلة وبمجهودات ذاتية في سبيل تطوير عالم الأطفال. انطلاقًا من دوافع الصدق في الغيرة على أجيال المستقبل.

*كاتب للأطفال_المغرب

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

جميع الحقوق محفوظه مجلة فرقد الإبداعية © 2022
تطوير وتصميم مسار كلاود